Breaking News >> News >> Azzaman


احياء واحة تونسية مهددة بالجفاف من خلال مطبخها


Link [2022-03-21 03:12:16]



نفطة‭ (‬تونس‭) (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬يقول‭ ‬المزارع‭ ‬محمد‭ ‬إن‭ “‬كلّ‭ ‬شيء‭ ‬ينبت‭” ‬في‭ ‬واحة‭ ‬نفطة‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬التونسي،‭ ‬وهو‭ ‬يرغب‭ ‬كما‭ ‬كثر‭ ‬من‭ ‬عشاق‭ ‬المكان‭ ‬في‭  ‬احياء‭ ‬هذه‭ ‬الواحة‭ ‬بتقاليد‭ ‬مطبخها‭ ‬ومشاريع‭ ‬مبتكرة‭ ‬تعيد‭ ‬إليها‭ ‬اشعاعها‭. ‬

ويقول‭ ‬بقعة‭ ‬البالغ‭ ‬63‭ ‬عاماً‭ ‬أمضى‭ ‬40‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬نفطة‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬إن‭ “‬الواحة‭ ‬كانت‭ ‬تضم‭ ‬152‭ ‬منبعا‭ ‬للماء‭ ‬توفر‭ ‬700‭ ‬لتر‭ ‬في‭ ‬الثانية‭”. ‬لكنّ‭ ‬إفراطاً‭ ‬في‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬المياه‭ ‬بهدف‭ ‬إنشاء‭ ‬واحات‭ ‬أخرى‭ ‬ولري‭ ‬أشجار‭ ‬النخيل‭ ‬التي‭ ‬تنتج‭ ‬تمورا‭ ‬من‭ ‬صنف‭ “‬دقلة‭ ‬النور‭”‬،‭ ‬مما‭ ‬أدى،‭ ‬بحسب‭ ‬أحمد،‭ ‬إلى‭ “‬استنزاف‭ ‬ينابيع‭ ‬الماء‭ ‬قبل‭ ‬20‭ ‬عاماً‭ ‬في‭ ‬نفط‭” ‬التي‭ ‬تبعد‭ ‬500‭ ‬كيلومتر‭ ‬من‭ ‬العاصمة‭ ‬تونس‭.  ‬ويتابع‭ “‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نعيش‭ ‬مما‭ ‬تنتجه‭ ‬الواحة،‭ ‬ففيها‭ ‬كل‭ ‬الحاجيات،‭ ‬من‭ ‬خضار‭ ‬وعلال‭ ‬ورمان‭ ‬ومشمش‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الطماطم‭ ‬والجزر‭”. ‬ويلاحظ‭ ‬أن‭ “‬كل‭ ‬شئ‭ ‬ينبت‭ ‬هنا‭ ‬بفضل‭ ‬الشمس‭ ‬والماء‭”. ‬فثمار‭ ‬شجرة‭ ‬النخيل‭ ‬التي‭ ‬تطلق‭ ‬عليها‭ ‬تسمية‭ “‬الملكة‭” ‬كفيلة‭ ‬توفير‭ ‬السعرات‭ ‬الغذائية‭ ‬الأساسية،‭ ‬ويشير‭ ‬أحمد‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ “‬العمّال‭ ‬هنا‭ ‬يتناولون‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬النهار‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬التمور‭ ‬والحليب‭ ‬وهذا‭ ‬مغذٍ‭”. ‬لكن‭ ‬محصول‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬جيّدا‭ ‬بسبب‭ ‬قلّة‭ ‬الأمطار‭ ‬وارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬آب‭/‬أغسطس‭ ‬الفائت‭ ‬إذ‭ ‬ناهزت‭ ‬55‭ ‬درجة‭ ‬بفعل‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬وبالتالي‭ ‬ظهرت‭ ‬على‭ ‬حبات‭ ‬التمر‭ ‬ندوب‭ “‬جفاف‭”‬،‭ ‬وفق‭ ‬أحمد‭. ‬ويعتبر‭ ‬التونسي‭-‬الفرنسي‭ ‬باتريك‭ ‬علي‭ ‬الورغي‭ ‬الذي‭ ‬أنشأ‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬دار‭ ‬ضيافة‭ ‬ذات‭ ‬مواصفات‭ ‬مراعية‭ ‬للبيئة‭ ‬في‭ ‬نفطة‭ ‬سمّاها‭  “‬دار‭ ‬الهي‭” ‬أن‭ ‬الواحة‭ ‬تمثل‭ “‬نظام‭ ‬زراعة‭ ‬مستدامة‭ ‬سابقة‭ ‬لعصرها‭ ‬وهي‭ ‬زراعة‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬مستويات‭. ‬فالنخلة‭ ‬تقي‭ ‬أشجار‭ ‬الغلال‭ ‬التي‭ ‬تحمي‭ ‬بدورها‭ ‬الخضر‭ (‬من‭ ‬فلفل‭ ‬وطماطم‭ ‬وغيرها‭) ‬وهذا‭ ‬طبيعي‭ ‬في‭ ‬الواحة‭”.  ‬و‭”‬دار‭ ‬الهي‭” ‬ليس‭ ‬مشروع‭ ‬فندق‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬مختبر‭ ‬أفكار‭ “‬بالم‭ ‬لاب‭” ‬يُدعى‭ ‬إليه‭ ‬فنانون‭ ‬ومهندسون‭ ‬معماريون‭ ‬يأتون‭ ‬لمنافشة‭ ‬كيفية‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ “‬العالم‭ ‬الجميل‭”.‬

ويشدد‭ ‬باتريك‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ “‬جذب‭ ‬المستثمرين‭ ‬والمزارعين‭ ‬لاعادة‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الواحة‭ ‬لأن‭ ‬وضعها‭ ‬في‭ ‬تدهور‭”. ‬ولمواجهة‭ ‬نقص‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬يحاول‭ ‬باتريك‭ ‬المولع‭ ‬بالابتكار‭ ‬وشركاؤه‭ “‬ادخال‭ ‬تقنيات‭ ‬جديدة‭ ‬مثل‭ ‬الري‭ ‬قطرة‭ ‬قطرة‭ ‬والطاقة‭ ‬الشمسية‭”‬،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يشرح‭. ‬وينتقد‭ ‬سوء‭ ‬التصرف‭ ‬في‭ ‬كميات‭ ‬المياه‭ ‬بسبب‭ ‬نظام‭ ‬الري‭ ‬بالغمر‭ ‬لأجزاء‭ ‬من‭ ‬المزروعات‭ ‬المعتمد‭ ‬حالياً‭ ‬داخل‭ ‬الواحة،‭ ‬ويتم‭ ‬ضخها‭ ‬من‭ ‬عمق‭ ‬100‭ ‬متر‭.‬

كما‭ ‬سعى‭ ‬باتريك‭ ‬وأصدقاؤه‭ ‬إلى‭ ‬احياء‭ ‬نفطة‭ ‬وجلب‭ ‬الانتباه‭ ‬نحوها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إصدار‭ ‬كتاب‭ “‬مطبخ‭ ‬الواحة‭” ‬إذ‭ “‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬الواحة‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬ينقصنا‭ ‬شيء‭”.‬

ويكشف‭ ‬باتريك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ “‬المطبخ‭ ‬التقليدي‭” ‬يعتبر‭ “‬بسيطا‭ ‬جدا‭ ‬ويعود‭ ‬لحلول‭ ‬أول‭ ‬الرُحل‭” ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬نفطة‭ “‬منطقة‭ ‬عبور‭ ‬للقوافل‭” ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تأتي‭ “‬من‭ ‬أفريقيا‭ ‬وتجلب‭ ‬معها‭ ‬توابل‭ ‬غير‭ ‬معروفة،‭ ‬فظلت‭ ‬هنا‭ ‬تقليدا‭”.‬

وتوضح‭ ‬رئيسة‭ ‬المطبخ‭ ‬في‭ “‬دار‭ ‬الهي‭” ‬نجاح‭ ‬عامر‭ ‬أن‭ “‬ما‭ ‬يميّز‭ ‬نفطة‭ ‬أن‭ ‬إعداد‭ ‬التوابل‭ ‬يتم‭ ‬في‭ ‬المنزل‭. ‬وهي‭ ‬تختلف‭ ‬جدا‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬شراؤها‭ ‬من‭ ‬السوق،‭ ‬من‭ ‬حيث‭  ‬تنظيف‭ ‬الأوراق‭ ‬والروائح‭ ‬والنكهات‭. ‬تدرك‭ ‬جيّدا‭ ‬كيف‭ ‬تم‭ ‬إعدادها‭”.‬

وتعد‭ ‬نجاح‭ (‬40‭ ‬عاما‭) ‬أصنافا‭ ‬من‭ ‬الأكل‭ ‬ورثتها‭ ‬عن‭ ‬أمّها‭ ‬وأخرى‭ ‬من‭ ‬ابتكارات‭ ‬الفرنسي‭ ‬المشهور‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الطبخ‭ “‬فاغ‭” (‬فريديريك‭ ‬غراسير‭ ‬إيرميه‭) ‬و‭”‬العديد‭ ‬من‭ ‬المكوّنات‭ ‬والتوابل‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬الواحة‭ ‬مثل‭ ‬الفول‭ ‬الأخضر‭ ‬والفاصوليات‭ ‬والسلق‭”.‬

‭ “‬تقدم‭ ‬للإبل‭” ‬

غير‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ “‬دار‭ ‬الهي‭”‬،‭ ‬يبحث‭ ‬مغرمون‭ ‬آخرون‭ ‬بالواحة‭ ‬عن‭ ‬سبل‭ ‬لتطوير‭ ‬وتثمين‭ ‬منتجات‭ ‬هذا‭ ‬المكان‭.‬

ويقول‭ ‬الأميركي‭ ‬الذي‭ ‬يقطن‭ ‬محافظة‭ ‬سوسة‭ (‬شرق‭) ‬والمغرم‭ ‬بالجنوب‭ ‬التونسي‭ ‬وبالتمور‭ ‬كيفين‭ ‬كلاي‭ “‬لاحظنا‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬20‭ ‬و30‭% ‬من‭ ‬كميات‭ ‬التمور‭ ‬تُلقى‭ ‬او‭ ‬تقدم‭ ‬للإبل‭ ‬كأعلاف‭ ‬فقط‭ ‬لأن‭ ‬شكلها‭ ‬غير‭ ‬جميل‭”.‬

وبادر‭ ‬كيفين‭ ‬إلى‭ ‬شراء‭ ‬كميات‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التمور‭ ‬ونزع‭ ‬النواة‭ ‬وجففها‭ ‬وطحنها‭ ‬واستخرج‭ ‬منها‭ “‬سكرا‭ ‬ذا‭ ‬سعرات‭ ‬حرارية‭ ‬اقل‭ ‬بخمس‭ ‬مرات‭ ‬من‭ ‬السكر‭ ‬الأبيض،‭  ‬وهو‭ ‬صحي‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬بوتاسيوم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الذي‭ ‬نجده‭ ‬في‭ ‬الموز‭”.‬

وأنشأ‭ ‬كيفين‭ (‬35‭  ‬عاما‭) ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬مصنعا‭ ‬صغيرا‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2018‭ ‬بمساعدة‭ ‬مستثمرين‭ ‬ويشغل‭ ‬العشرات‭ ‬غالبيتهم‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬واصبح‭ ‬يستقبل‭ “‬طلبا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭”.‬

تم‭ ‬ادماج‭ ‬زراعات‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬الواحة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬نبتة‭ ‬المورينغا‭ ‬أو‭ “‬الشجرة‭ ‬العجيبة‭” ‬التي‭ ‬تستعمل‭ ‬لغايات‭ ‬غذائية‭ ‬وطبية،‭ ‬وهي‭  ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬التأقلم‭ ‬مع‭ ‬مناخ‭ ‬الدول‭ ‬الأفريقية‭.‬

فضلا‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬ظهرت‭ ‬أفكار‭ ‬ومشاريع‭ ‬عدة‭ ‬أساسها‭ ‬التمور،‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬قهوة‭ ‬من‭ ‬نواة‭ ‬التمر‭ ‬والدبس‭.‬



Most Read

2024-09-22 19:29:44