Breaking News >> News >> Azzaman


مسلسل عن يهود تركيا في الخمسينات يحقق نجاح عالميا


Link [2022-03-21 03:12:16]



اسطنبول‭ (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬حقق‭ ‬مسلسل‭ ‬على‭ “‬نتفليكس‭” ‬تدور‭ ‬أحداثه‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬اليهود‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬نجاحا‭ ‬غير‭ ‬متوقع‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬متحدياً‭ ‬المحظورات‭ ‬ومستقطباً‭ ‬الجمهور‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬مجتمع‭ ‬جرى‭ ‬تجاهله‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭.‬

ولقيت‭ ‬المسلسلات‭ ‬التلفزيونية‭ ‬التركية‭ ‬التي‭ ‬غالباً‭ ‬ما‭ ‬تروج‭ ‬لقصص‭ ‬تحظى‭ ‬برضا‭ ‬حكومي،‭ ‬نجاحاً‭ ‬عالمياً‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬البلاد‭ ‬قوة‭ ‬كبرى‭ ‬على‭ ‬الشاشات‭ ‬الصغيرة‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

لكن‭ ‬مسلسل‭ “‬ذي‭ ‬كلوب‭” ‬الذي‭ ‬تدور‭ ‬أحداثه‭ ‬في‭ ‬خمسينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬هو‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬نوعه،‭ ‬لأسباب‭ ‬ليس‭ ‬أقلها‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الحوارات‭ ‬التي‭ ‬يتضمنها‭ ‬هي‭ ‬باللادينو،‭ ‬لغة‭ ‬يهود‭ ‬اسطنبول‭ ‬المستمدة‭ ‬من‭ ‬الإسبانية‭ ‬في‭ ‬العصور‭ ‬الوسطى‭.‬

وبعدما‭ ‬عاشت‭ ‬الأقليات‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬مراحل‭ ‬ازدهار‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬المتعددة‭ ‬الثقافات‭ ‬للإمبراطورية‭ ‬العثمانية،‭ ‬عانى‭ ‬يهود‭ ‬اسطنبول‭ ‬مذاك‭ ‬من‭ ‬الاضطهاد‭ ‬والتمييز‭.‬

وآثر‭ ‬اليهود‭ ‬التكتم‭ ‬حول‭ ‬هويتهم‭ ‬لحماية‭ ‬أنفسهم،‭ ‬متمسكين‭ ‬بالعادة‭ ‬اليهودية‭ ‬التركية‭ ‬المعروفة‭ ‬بـ‭”‬كاياديس‭” ‬بلغة‭ ‬اللادينو،‭ ‬ومعناها‭ “‬الصمت‭”.‬

لكن‭ ‬مسلسل‭ “‬ذي‭ ‬كلوب‭” ‬الذي‭ ‬تدور‭ ‬أحداثه‭ ‬في‭ ‬ملهى‭ ‬ليلي‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬الأوروبي‭ ‬التاريخي‭ ‬لإسطنبول،‭ ‬يضع‭ ‬حداً‭ ‬لهذا‭ ‬الصمت‭.‬

‭ ‬اضطهاد‭ ‬الأقليات‭ ‬

يتطرق‭ ‬المسلسل‭ ‬إلى‭ ‬الهجمات‭ ‬والاضطهادات‭ ‬التي‭ ‬دفعت‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬اليهود‭ ‬واليونانيين‭ ‬والأرمن‭ ‬إلى‭ ‬مغادرة‭ ‬تركيا‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ضريبة‭ ‬الثروة‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬السلطات‭ ‬التركية‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬المسلمين‭ ‬عام‭ ‬1942‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أعمال‭ ‬الشغب‭ ‬ضد‭ ‬الأقلية‭ ‬اليونانية‭ (‬ما‭ ‬عُرف‭ ‬بـ‭”‬بوغروم‭ ‬اسطنبول‭”) ‬عام‭ ‬1955‭ ‬والتي‭ ‬أطلقت‭ ‬العنان‭ ‬للعنف‭ ‬ضد‭ ‬جميع‭ ‬الأقليات‭ ‬الأخرى‭.‬

ويقول‭ ‬نيسي‭ ‬ألتاراس‭ ‬المحرر‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ “‬أفلاريموز‭” ‬الإلكترونية‭ ‬التي‭ ‬يديرها‭ ‬شباب‭ ‬من‭ ‬اليهود‭ ‬الأتراك‭ “‬الصمت‭ ‬لم‭ ‬يحمنا‭ ‬من‭ ‬معاداة‭ ‬السامية‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يمنع‭ ‬الهجرة‭ ‬إلى‭ ‬بلدان‭ ‬أخرى‭”.‬ويوضح‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ “‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬رفع‭ ‬الصوت،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬المسائل‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬أرادت‭ ‬الاجيال‭ ‬السابقة‭ ‬تجنبها‭”.‬

ولا‭ ‬يزال‭ ‬أقل‭ ‬من‭  ‬15‭ ‬ألف‭ ‬يهودي‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬تركيا،‭ ‬بعدما‭ ‬كان‭ ‬عددهم‭ ‬مئتي‭ ‬ألف‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭.‬

وغالبية‭ ‬هؤلاء‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬يهود‭ ‬السفارديم‭ ‬الذين‭ ‬فرّ‭ ‬أجدادهم‭ ‬إلى‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬العثمانية‭ ‬بعد‭ ‬طردهم‭ ‬من‭ ‬إسبانيا‭ ‬عام‭ ‬1492‭.‬

في‭ ‬حالة‭ ‬نادرة‭ ‬لتماهي‭ ‬الفن‭ ‬مع‭ ‬الواقع،‭ ‬أصبح‭ “‬ذي‭ ‬كلوب‭” ‬أكثر‭ ‬المسلسلات‭ ‬مشاهدة‭ ‬على‭ ‬نتفليكس‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬تزامناً‭ ‬مع‭ ‬محاولات‭ ‬أنقرة‭ ‬إصلاح‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭.‬

وبعدما‭ ‬كان‭ ‬البلدان‭ ‬متقاربين‭ ‬تاريخياً،‭ ‬توترت‭ ‬العلاقات‭ ‬بينهما‭ ‬بسبب‭ ‬معاملة‭ ‬إسرائيل‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬وتصريحات‭ ‬للرئيس‭ ‬التركي‭ ‬رجب‭ ‬طيب‭ ‬اردوغان‭ ‬وُصفت‭ ‬بأنها‭ ‬معادية‭ ‬للسامية‭.‬

وقد‭ ‬نشرت‭ ‬الصحف‭ ‬التركية‭ ‬الموالية‭ ‬للحكومة‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬مقالات‭ ‬ومواضيع‭ ‬وُصفت‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬الداعمة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بأنها‭ ‬معادية‭ ‬للسامية‭.‬

لكن‭ ‬الرئيس‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬إسحق‭ ‬هرتسوغ‭ ‬قام‭ ‬بزيارة‭ ‬تاريخية‭ ‬إلى‭ ‬تركيا‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الشهر،‭ ‬أجرى‭ ‬خلالها‭ ‬محادثات‭ ‬مع‭ ‬نظيره‭ ‬رجب‭ ‬طيب‭ ‬أردوغان‭.‬

حتى‭ ‬أن‭ ‬هرتسوغ‭ ‬زار‭ ‬الحي‭ ‬الذي‭ ‬صُور‭ ‬فيه‭ ‬مسلسل‭ “‬ذي‭ ‬كلوب‭” ‬في‭ ‬اسطنبول‭.‬

‭ ‬جدل‭ ‬حاد‭ ‬

وأثار‭ ‬المسلسل،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬مشاهد‭ ‬أعمال‭ ‬الشغب‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬استقلال‭ ‬في‭ ‬اسطنبول‭ ‬في‭ ‬أيلول‭/‬سبتمبر‭ ‬1955‭ ‬عندما‭ ‬استهدفت‭ ‬مجموعات‭ ‬عنفية‭ ‬أفراد‭ ‬الأقليات‭ ‬ونهبت‭ ‬متاجرهم،‭ ‬جدلا‭ ‬حادا‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬التركية‭ ‬وعلى‭ ‬الإنترنت‭ ‬حول‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬التاريخ‭.‬

ويقول‭ ‬رئيس‭ ‬المتحف‭ ‬اليهودي‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬سيلفيو‭ ‬أوفاديا‭ “‬لم‭ ‬يعرض‭ ‬أي‭ ‬برنامج‭ ‬تلفزيوني‭ ‬آخر‭ ‬الأحداث‭ ‬المعادية‭ ‬للسامية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬اللافتة‭”.‬

ويوضح‭ ‬ألتاراس‭ “‬هذا‭ ‬الجزء‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬لا‭ ‬يُدرَّس‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬في‭ ‬تركيا،‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأتراك‭ ‬تعرّفوا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الحقبة‭ ‬بفضل‭ ‬المسلسل‭”.‬

وتشير‭ ‬بينار‭ ‬كيلاووز‭ ‬الباحثة‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬اليهود‭ ‬السفارديم‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬باريس‭ – ‬سوربون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ “‬المسلسل‭ ‬يدعونا‭ ‬لأن‭ ‬نشكك‭ ‬في‭ ‬الرواية‭ ‬الرسمية‭ ‬ونسأل‭ ‬أنفسنا‭ +‬ماذا‭ ‬حدث‭ ‬ليهود‭ ‬تركيا؟‭+”.‬

ويرى‭ ‬ألتاراس‭ ‬أن‭ ‬المسلسل‭ ‬أثّر‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬التركية‭ ‬المحلية‭.‬

ويقول‭ “‬ليس‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬المصادفة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬زعيم‭ ‬حزب‭ ‬المعارضة‭ ‬الرئيسي‭ ‬أدخل‭ ‬للتو‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ +‬تضميد‭ ‬جراح‭ ‬الماضي‭+ ‬في‭ ‬حملته،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬الهجمات‭ ‬على‭ ‬الأقليات‭”.‬

‭ “‬جزء‭ ‬من‭ ‬البلد‭” ‬

ويرى‭ ‬عزت‭ ‬بنا،‭ ‬وهو‭ ‬موسيقي‭ ‬قدّم‭ ‬خدمات‭ ‬استشارية‭ ‬للمسلسل،‭ ‬أن‭ “‬ذي‭ ‬كلوب‭” ‬حقق‭ “‬معجزة‭” ‬بإعادة‭ ‬إنشاء‭ ‬الحي‭ ‬اليهودي‭ ‬الذي‭ ‬عرفه‭ ‬في‭ ‬طفولته‭. ‬ويقول‭ ‬بنا‭ “‬كنت‭ ‬قلقا‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬لأن‭ ‬مسلسلات‭ ‬أخرى‭ ‬قدّمت‭ ‬صورة‭ ‬كاريكاتورية‭ ‬عن‭ ‬اليهود‭. ‬لكن‭ ‬المسلسل‭ ‬يعكس‭ ‬شخصيات‭ ‬حقيقية،‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الكليشيهات‭”.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬كيلاووز‭ ‬تؤكد‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬التقدم‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬الصغيرة،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يتعين‭ ‬القيام‭ ‬بالمزيد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬يهود‭ ‬تركيا‭ ‬بالمساواة‭. ‬

وتقول‭ “‬هناك‭ ‬معتقد‭ ‬شائع‭ ‬بشأن‭ ‬ترحيب‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬العثمانية‭ ‬باليهود‭ ‬الذين‭ ‬طُردوا‭ ‬من‭ ‬إسبانيا‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الخامس‭ ‬عشر‭”. ‬

وتضيف‭ “‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يُستخدم‭ ‬لوصم‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬يطلب‭ ‬المساواة‭ ‬في‭ ‬الحقوق‭ ‬بأنه‭ ‬جاحد‭”. ‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬التساوي‭ ‬بين‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬تركيا،‭ ‬فإن‭ ‬الأقليات‭ ‬غير‭ ‬المسلمة‭ ‬تواجه‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬عقبات‭ ‬كبيرة،‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬وظائف‭ ‬حكومية‭ ‬إلى‭ ‬فتح‭ ‬أو‭ ‬إصلاح‭ ‬الكنائس‭ ‬أو‭ ‬المعابد‭ ‬اليهودية‭.‬ومن‭ ‬النادر‭ ‬أيضا‭ ‬وجود‭ ‬شخصية‭ ‬بارزة‭ ‬من‭ ‬الأقليات‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الهيمنة‭ ‬للمسلمين‭ ‬الأتراك‭ ‬السنة‭.‬

ويرى‭ ‬ألتاراس‭ ‬أن‭ ‬المسلسل‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬بموسم‭ ‬ثالث،‭ ‬يُظهر‭ ‬للمجتمع‭ ‬التركي‭ ‬أن‭ ‬اليهود‭ ‬جزء‭ ‬من‭ “‬قصة‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭”.‬

ويقول‭ “‬كنا‭ ‬نعرف‭ ‬ذلك‭ ‬أصلا،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬الجيّد‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬الأتراك‭ ‬ذلك‭ ‬أيضا‭”.‬



Most Read

2024-09-22 19:30:48