انّها مفارقات مرّة – حسين الصدر
-1-
جاء في التاريخ :
انّ مالك بن دينار تكلّم فأبكى أصحابه ، ثم انّه افتقد مصحفه ،
فنظر الى أصحابه وكلهم يبكي فقال :
ويحكم !
كلكم يبكي فمن أخذَ المصحف !؟
وكانت السرقة قد وصلت الى المصاحف ..!!
-2-
تذكرني هذه الحادثة بمن يذرف دموع التماسيح وينعى النزاهة ، ويقرأ لها الفاتحة ، ويشكو تفشي الفساد المالي والاداري ، ويُطالب بمحاسبة الفاسدين ومعاقبة اللصوص والقراصنة وحيتان الفساد ناسياً انّه في طليعتهم ..!!
انه يبكي مع الباكين على العراق المنهوب وهو من أكبر ناهبيه ..!!
-3-
انّ السبب الحقيقي في مواصلة الفاسدين مشاوريهم المحمومة دُونَ هوادة ، هو القرار المتخذ بعدم كشف الفاسد لاخوانه من الفاسدين .
وهكذا ندور في حلقة مفرغة .
وقديما قال الشاعر :
مسألة الدَوْر جرتْ
بَيْنِي وبيْن مَنْ أحُبّْ
لولا مشيبي ماجَفَا
لولا جَفَاهُ لم أَشِبْ
-4-
دلّت التجربة – للاسف الشديد – على ايقاع العقوبات القاسية بحق الضعفاء والفقراء الذين تضطرهم الحاجة أحيانا الى ان يمدوا أيديهم الى أموال الآخرين، بينما يبقى كبار اللصوص آمنين سالمين بعيدين عن المساءلة ..!!
-5-
كما دلّت التجربة ايضا – وللاسف الشديد – على ايقاع النزيهين المخلصين في مآزق وأزمات، عقابا لهم على صدقهم واخلاصهم .
وهكذا تتعدد المفارقات وتتكاثر المواخذات والثغرات بعد أن أصبح العراق كعكة يتقاسمها المتنفذون …
وهذا مالا يمكن أنْ يستمر دون أنْ يبزغ فجر الخلاص من كابوس الظلام.
والظلم الفاحش …
2024-09-22 19:31:45