Breaking News >> News >> Azzaman


مخطوطة غير منشورة لفرويد قبل قرن تنطبق على صورة الحرب في أوربا اليوم


Link [2022-03-19 10:58:12]



باريس‭-(‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬أتاح‭ ‬اكتشاف‭ ‬الكاتب‭ ‬السياسي‭ ‬الفرنسي‭ ‬باتريك‭ ‬فيل‭ ‬لمخطوطة‭ ‬كتاب‭ ‬غير‭ ‬منشور‭ ‬كتبها‭ ‬مؤسس‭ ‬التحليل‭ ‬النفسي‭ ‬سيغموند‭ ‬فرويد‭ ‬قبل‭ ‬نحو‭ ‬قرن،‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬خبايا‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المعتمدة‭ ‬حينها‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬جديدة،‭ ‬ما‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬دروس‭ ‬جيوسياسية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تسري‭ ‬على‭ ‬زمننا‭ ‬الحاضر‭ ‬الذي‭ ‬عادت‭ ‬فيه‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭. ‬ويغوص‭ ‬كتاب‭ ‬فيل‭ ‬الصادر‭ ‬الأربعاء‭ ‬عن‭ ‬دار‭ ‬‮«‬غراسيه‮»‬‭ ‬الفرنسية‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬Le‭ ‬President‭ ‬est‭-‬il‭ ‬devenu‭ ‬fou‭ ‬‭?‬‭ ‬Le‭ ‬diplomate‭,‬‭ ‬le‭ ‬psychanalyste‭ ‬et‭ ‬le chef‭ ‬d’Etat‮»‬‭ (‬هل‭ ‬أصبح‭ ‬الرئيس‭ ‬مجنونا؟‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬والمحلل‭ ‬النفسي‭ ‬ورأس‭ ‬الدولة‭)‬،‭ ‬في‭ ‬شخصية‭ ‬رئيس‭ ‬أميركي‭ ‬مثير‭ ‬للجدل‭ ‬هو‭ ‬وودرو‭ ‬ويلسون‭ ‬الذي‭ ‬حكم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1913‭ ‬و1921‭. ‬فمن‭ ‬خلال‭ ‬إقحامه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬المعارك‭ ‬على‭ ‬الجبهة‭ ‬الغربية‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى‭ ‬سنة‭ ‬1917،‭ ‬أنهى‭ ‬ويلسون‭ ‬مرحلة‭ ‬حاسمة‭ ‬بعد‭ ‬حوالى‭ ‬مئة‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬السياسة‭ ‬الانعزالية‭. ‬وفي‭ ‬التجاذبات‭ ‬التي‭ ‬أعقبت‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى،‭ ‬ساهم‭ ‬هذا‭ ‬الرئيس‭ ‬ذو‭ ‬الشخصية‭ ‬المتقلبة‭ ‬في‭ ‬هزّ‭ ‬التوازنات‭ ‬المضطربة‭ ‬أصلا‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1919‭ ‬و1920‭ ‬والتي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭. ‬وقد‭ ‬عثر‭ ‬باتريك‭ ‬فيل‭ ‬على‭ ‬المخطوطة‭ ‬الأصلية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بكتاب‭ ‬ألفه‭ ‬سيغموند‭ ‬فرويد‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1930‭ ‬و1932‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬الرئيس‭ ‬ت‭. ‬و‭. ‬ويلسون‭: ‬نبذة‭ ‬نفسية‮»‬‭ ‬لكن‭ ‬المشروع‭ ‬توقف‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬فرويد‭ ‬سنة‭ ‬1939‭.  ‬وقد‭ ‬أثار‭ ‬العمل‭ ‬انتقادات‭ ‬لاذعة‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬بعد‭ ‬نشره‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬سنة‭ ‬1966،‭ ‬إذ‭ ‬اعتبرت‭ ‬‮«‬ذي‭ ‬نيويورك‭ ‬ريفيو‭ ‬أوف‭ ‬بوكس‮»‬‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬كارثي‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬وصفته‭ ‬‮«‬ذي‭ ‬نيو‭ ‬ريبابليك‮»‬‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬عمل‭ ‬كاريكاتوري‮»‬‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬أنّا‭ ‬ابنة‭ ‬فرويد‭ ‬أبدت‭ ‬معارضتها‭ ‬للمراجعات‭ ‬التي‭ ‬أدخلها‭ ‬على‭ ‬الكتاب‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الأميركي‭ ‬السابق‭ ‬وليام‭ ‬بوليت‭ ‬المشارك‭ ‬في‭ ‬صياغته‭.‬

‭ ‬فشل‭ ‬أمام‭ ‬محكمة‭ ‬النقاد‭ ‬

ويقول‭ ‬باتريك‭ ‬فيل‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬‮«‬أظن‭ ‬أن‭ ‬فرويد‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬ليقبل‭ ‬بالاقتطاعات‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬له‭ ‬الحق‭ ‬بتاتا‭ ‬في‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‮»‬‭. ‬وكانت‭ ‬المخطوطة‭ ‬المكتملة‭ ‬تنام‭ ‬في‭ ‬صندوق‭ ‬يضم‭ ‬محفوظات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬علامة‭ ‬تعريفية،‭ ‬عثر‭ ‬عليه‭ ‬الباحث‭ ‬الفرنسي‭ ‬في‭ ‬مكتبة‭ ‬سترلينغ‭ ‬التابعة‭ ‬لجامعة‭ ‬ييل‭ ‬الأميركية‭. ‬وكانت‭ ‬الوثيقة‭ ‬موجودة‭ ‬ضمن‭ ‬محفوظات‭ ‬لوليام‭ ‬بوليت‭ ‬تركتها‭ ‬آن‭ ‬فرويد‭ ‬بعد‭ ‬وفاتها‭ ‬سنة‭ ‬2007‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬مقارنة‭ ‬المخطوطة‭ ‬العائدة‭ ‬لعام‭ ‬1932‭ ‬مع‭ ‬الكتاب‭ ‬المنشور‭ ‬سنة‭ ‬1966،‭ ‬أحصى‭ ‬باتريك‭ ‬فيل‭ ‬حوالى‭ ‬300‭ ‬تعديل‭ ‬أدخلها‭ ‬وليام‭ ‬بوليت‭ ‬وخففت‭ ‬من‭ ‬النبرة‭ ‬التي‭ ‬اعتمدها‭ ‬فرويد‭ ‬في‭ ‬نص‭ ‬الكتاب‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬بقوة‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬ويلسون‭. ‬وقد‭ ‬اقتُطعت‭ ‬خصوصا‭ ‬مقاطع‭ ‬ترتبط‭ ‬بحياة‭ ‬الرئيس‭ ‬الجنسية‭. ‬ويعتبر‭ ‬الباحث‭ ‬الفرنسي‭ ‬أن‭ ‬صدور‭ ‬الكتاب‭ ‬سنة‭ ‬1932‭ ‬أو‭ ‬1933،‭ ‬في‭ ‬أوج‭ ‬نفوذ‭ ‬فرويد‭ ‬الفكري،‭ ‬كان‭ ‬ليسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬السجل‭ ‬السلبي‭ ‬للرئيس‭ ‬ويلسون‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الجيوسياسي،‭ ‬حتى‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬ليُحدث‭ ‬صحوة‭ ‬لدى‭ ‬قوى‭ ‬الحلفاء‭ ‬المستقبليين‭.‬

ورغم‭ ‬فشل‭ ‬الكتاب‭ ‬لدى‭ ‬النقاد‭ ‬والتأخير‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬نشره،‭ ‬يرى‭ ‬الباحث‭ ‬الفرنسي‭ ‬أن‭ ‬نوايا‭ ‬فرويد‭ ‬وراء‭ ‬إعداده‭ ‬كانت‭ ‬حميدة‭. ‬ويقول‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬ننكر‭ ‬أن‭ ‬شخصية‭ ‬بعض‭ ‬القادة‭ ‬تؤدي‭ ‬دورا‭ ‬في‭ ‬المخاطر‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬العالم،‭ ‬اليوم‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬الأمس‮»‬

‭.‬

التاريخ‭ ‬يعيد‭ ‬نفسه؟‭ ‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الفشل‭ ‬الكامن‭ ‬لمعاهدة‭ ‬فرساي‭ ‬الصادرة‭ ‬سنة‭ ‬1919‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬ذا‭ ‬دلالات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬عام‭ ‬2022‭. ‬فقد‭ ‬فشلت‭ ‬مساعي‭ ‬فرنسا‭ ‬برئاسة‭ ‬جورج‭ ‬كليمنصو‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬ضمانة‭ ‬بالدفاع‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬التعرض‭ ‬لهجوم‭ ‬ألماني‭ ‬جديد‭. ‬ويقول‭ ‬الكاتب‭ ‬السياسي‭ ‬إن‭ ‬‮«‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬كان‭ ‬وراء‭ ‬الفكرة،‭ ‬وإنشاؤها‭ ‬حصل‭ ‬بطلب‭ ‬فرنسي‮»‬،‭ ‬متحدثا‭ ‬عن‭ ‬مذكرة‭ ‬صادرة‭ ‬عن‭ ‬الخارجية‭ ‬الفرنسية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص‭ ‬في‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭/‬نوفمبر‭ ‬1918‭. ‬وكان‭ ‬كليمنصو‭ ‬سيرتكب‭ ‬خطأ‭ ‬بالعمل‭ ‬بمقتضى‭ ‬فكرة‭ ‬بريطانية‭ ‬تقضي‭ ‬بفرض‭ ‬تعويضات‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬ألمانيا‭ ‬وبنزع‭ ‬أسلحتها‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬ويلسون‭ ‬نسف‭ ‬المعاهدة‭ ‬بنفسه‭ ‬أمام‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الأميركي‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬صوّت‭ ‬ضدها‭ ‬عام‭ ‬1920‭. ‬وقد‭ ‬أثبت‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬في‭ ‬شباط‭/‬فبراير‭ ‬2022‭ ‬درسا‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬مفاده‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬الدفاع‭ ‬عنها‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬‮«‬شرطي‭ ‬العالم‮»‬‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للهجمات‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬استعجال‭ ‬بولندا‭ ‬ودول‭ ‬البلطيق‭ ‬الثلاث‭ (‬ليتوانيا‭ ‬ولاتفيا‭ ‬وإستونيا‭) ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬بعد‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفياتي‭ ‬السابق‭. ‬من‭ ‬هنا‭ ‬يمكن‭ ‬تفسير‭ ‬التفضيل‭ ‬الكبير‭ ‬لدى‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الألماني‭ ‬للتسليح‭ ‬الدفاعي‭ ‬الأميركي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الأوروبي‭.‬

ويرى‭ ‬باتريك‭ ‬فيل‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تأثيرات‭ ‬معاهدة‭ ‬فرساي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬ملموسة‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬برمّتها‭ ‬حاليا‮»‬‭.‬



Most Read

2024-09-22 19:40:10