الرياض- الزمان
يبحث رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في السعودية الأربعاء أسعار النفط المتصاعدة على خلفية الغزو الروسي لاوكرانيا، بينما يحث الدولة النفطية، التي لم تدن الغزو بعد، على زيادة الانتاج لتهدئة الأسعار والمخاوف.
وصل جونسون إلى السعودية آتيا من الإمارات.
وأفادت قناة الإخبارية السعودية الحكومية أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ألتقى جونسون حيث ناقشا «تطورات الأوضاع في أوكرانيا» بينما تسعى اوروبا لتقليل اعتمادها على الخام الروسي.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أنّ الزعيمين «وقعا مذكرة تفاهم بشأن تشكيل مجلس الشراكة الاستراتيجي بين حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية».
التقى جونسون في الإمارات ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وبحث معه «استقرار أسواق الطاقة العالمية»، وفقا لوكالة الأنباء الإماراتية.
وتحمل زيارته للسعودية دلالات سياسية مهمة، إذ إنّ جونسون هو أحد الزعماء الغربيين القلائل الذين يزورون المملكة ليلتقوا الأمير محمد، الحاكم الفعلي، منذ مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول العام 2018. وكانت رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي زارت المملكة في 2017 بعيد تسلم الأمير محمد منصب ولي العهد.
تأتي زيارة جونسون أيضا بعدما نفّذت السلطات السعودية حكم الإعدام في حق 81 شخصا في يوم واحد السبت على خلفية قضايا تتعلق بالارهاب والانضمام لتنظيمات مسلحة.
وأكد رئيس الوزراء انه سيثير مسألة حقوق الإنسان والإعدامات الأخيرة في لقاءاته في السعودية، وسيطلب من الأمير محمد إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا.
من جهتها، قالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس لمحطة سكاي نيوز «نحن لا نغض النظر عن سياسات السعودية، ما أقوله هو أننا نواجه تهديدًا وجوديًا بشأن الأمن الأوروبي والأمن العالمي ونحتاج إلى إيجاد مصادر بديلة للنفط والغاز حتى لا نعتمد بعد الآن على فلاديمير بوتين ونظامه المروع».
- الاعتماد على محروقات روسيا -
تجنّبت السعودية والإمارات حتى الآن إدانة الغزو الروسي. وبينما تتزايد روابطهما الاقتصادية مع موسكو، يسود فتور علاقاتهما بواشنطن على خلفية الكثير من القضايا الشائكة.
ولم يتحدث الرئيس الأميركي جون بايدن والأمير محمد، منذ تولّى الزعيم الديموقراطي منصبه وتعهّد معاملة السعودية كدولة «منبوذة» على خلفية قضية خاشقجي وسجل المملكة الحقوقي.
لكن جونسون قال قبل مغادرته إنّ تبعات الهجوم الروسي «الوحشي وغير المبرر» ستكون أبعد من أوروبا.
واعتبر أن ثمة حاجة لتحالف دولي جديد لتعويض تأثير العقوبات المفروضة على روسيا، على المستهلكين الذين باتوا يشعرون بالفعل بضيق ناجم عن ارتفاع التضخم وزيادة تكلفة المعيشة.
وقال في بيان قبيل بدء جولته الخليجية «على العالم أن ينهي اعتماده على النفط والغاز الروسيين … السعودية والإمارات شريكتان دوليتان رئيسيتان في هذا الجهد».
وتابع «سنعمل معهم لضمان الأمن الإقليمي ودعم جهود الإغاثة الإنسانية وتحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة العالمية على المدى البعيد».
وبحسب مكتب جونسون، تشكل الإمارات والسعودية أكبر شريكين اقتصاديين للمملكة المتحدة في المنطقة، إذ بلغت قيمة التبادل التجاري نحو 15,9 مليار دولار مع أبوظبي و13,9 مليار دولار مع الرياض في 2020.
ويأمل رئيس الوزراء أن يتمكن من إقناع الأمير محمد بن سلمان برفع إنتاج المملكة من النفط، بعدما أصدرت ألمانيا الأسبوع الماضي «نداء عاجلا» لمنظمة البلدان المصدّرة للنفط «أوبك» التي تقودها السعودية لزيادة الضخ «لإحداث ارتياح في السوق».
تحديات كثيرة
على غرار الولايات المتحدة، تخطط بريطانيا للتخلص التدريجي من واردات النفط الروسية، كجزء من عقوبات واسعة النطاق تستهدف الشركات والأثرياء الروس. وتمثل الواردات الروسية 8 في المئة من إجمالي الطلب على النفط في المملكة المتحدة.
وروسيا هي أكبر منتج للغاز في العالم، وثاني أكبر منتج للنفط بعد السعودية. وقاومت السعودية والإمارات الضغوط الأميركية والاوروبية، في محاولة منها للمحافظة على تحالف «اوبك بلاس» الذي يتحكم بكميات الانتاج في السوق وتقوده الرياض وموسكو.
ويقول الباحث في شركة «فيريسك ميبلكروفت» البريطانية للاستشارات المتعلّقة بتقييم المخاطر توبورن سولفت لوكالة فرانس برس إن الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لخفض أسعار النفط لم تؤت ثمارها.
وأضاف أن التحديات «كثيرة أمام جونسون بينما يسعى لتأمين تحوّل في السياسة النفطية السعودية و(منظمة الدول المصدرة) أوبك».
وتابع «لقد أكدت السعودية حتى الآن أنها مترددة في الخروج عن إطار عمل وخطة أوبك بلاس الحاليين التي تنص على زيادة إنتاج شهرية» محدودة.
في أبوظبي، قال متحدث باسم مكتب رئيس الوزراء أن جونسون أوضح خلال اللقاء مع ولي عهد أبوظبي «مخاوفه العميقة بشأن الفوضى التي أحدثها الغزو الروسي غير المبرر لأوكرانيا، وشدد على أهمية العمل معًا لتحسين الاستقرار في سوق الطاقة العالمي».
وأضاف أن الجانبين رحبا «بالشراكة طويلة الأمد بين بلدينا»، واتفقا أيضًا على «الحاجة إلى تعزيز تعاوننا الأمني والدفاعي والاستخباراتي القوي في مواجهة التهديدات العالمية المتزايدة، بما في ذلك من الحوثيين في اليمن».
2024-09-22 21:37:44