فاتح عبدالسلام
في نهاية التسعينات من القرن الماضي، عُقدت في لندن وفي عواصم اخرى ندوات وملتقيات فكرية واجتماعات سياسية، تطلع اليها بشغف العراقيون الباحثون عن الخلاص من عقود قسوة الحكم والحروب والحصار، وكانت تلك التجمعات تتحدث عن مستقبل العراق وآفاق وضعه الاقتصادي والسياسي عبر الديمقراطية والاقتصاد الحر في سنة٢٠٢٠، على اعتبار انّ عقدين مقبلين لحياة جديدة في العراق كانا كفيلين بالنهضة الشاملة، وقد كانت تلك الامنيات والأفكار والخواطر تتفاعل في ايدي سياسيين حقيقيين واخرين تجار ومتعطشين للنهب والاسترزاق وربما للدماء ايضاً، في وقت كان النظام السابق لايزال في الحكم مُكبّلاً بعقوبات قوية، وكانت المؤشرات متفاوتة بشأن انّ أيامه باتت معدودة، وكانت المعارضة العراقية تحت نجوم عواصم الجوار والشتات مع سيادة عدم التيقن من الصيغة التي سيأتي فيها التغيير المنشود والمرتقب، وكانت فكرة انقلاب القصر شائعة التداول من اجل سلامة كيان البلد، لكن قوى سياسية مرتبطة بإيران تحديدا لم تكن موافقة عليها، كما انَّ قرار الحرب والغزو الجديد لم يكن على الطاولة، كان تحتها حينها، وربما كان هناك مَن لا يرى من المنطق ان تشن الولايات المتحدة حربين كبيرتين على البلد ذاته في خلال اثنتي عشرة سنة، إذ هي سابقة تاريخية. ولكن متى كانت الحروب في التاريخ تُشن بمنطق؟
مضى ما يقرب من عقدين على حرب إقامة نظام سياسي جديد في العراق، وهي النتيجة والغاية والهدف الأساس لشن الحرب من واشنطن وحلفائها، وهم يعلمون انّ كذبة أسلحة الدمار الشامل كانت للتسويق المرحلي ولعبور عتبة الحرب فقط.
في عقدين، تغيرت الأفكار، والذين جاءت بهم الولايات المتحدة أشاحوا بوجوههم عنها نحو الشرق، وانتقلت الولاءات نحو الجهة الاستراتيجية الكامنة في اعماق معارضي الامس وحكّام اليوم.
ألا يستحق البلد اليوم وقفة مراجعة حقيقية، تتم فيها جردة حساب بكل ما جرى، ليرى الشعب اين كان، وأين أصبح والى اين يمكن ان يمضي؟ فمصير البلد ليس لعبة تشتهي اللعب بها أحزاب واشخاص بعضهم طامع بالمال أو الجاه أو الانتقام وتغطية عقد شخصية.
عليهم أن لا ينسوا انَّ شعار (نريد وطناً) الذي سالت في سبيله دماء ستمائة بطل من ثوار تشرين، لم يتحقق حتى اللحظة.
هل علينا ان نعقد ندوة دولية تحت عنوان صورة العراق في سنة ٢٠٤٠، ام انّ الصورة واضحة من الان، وليس هناك داع للتعب، فضلا عن انّ أحداً من المهتمين السابقين لم يعد له حماس إزاء ذلك.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
fatihabdulsalam@hotmail.com
2024-09-22 21:31:07