Breaking News >> News >> Azzaman


الشاعر حبيب السامر في رقصته الأولى


Link [2022-03-17 00:13:41]



الشاعر حبيب السامر في رقصته الأولى

وجدان عبدالعزيز

من المؤكد ان الفنون لها تأثيرها على النفس والروح، لكن الاثر السحري الذي تمارسه الموسيقى على الروح، له متعة خاصة، وكأن الموسيقى تواسي يتم الروح، وسط جفاف الحياة، وتجعل من الشعر، اكثر اثرا على الروح، وحينما قرأت قصيدة (الرقصة الاولى) للشاعر حبيب السامر، جاءتني المتعة حافية القدمين، كأميرة شفافة زلالية الهوى، وبقيتُ منهمكا اراقب بحث الشاعر السامر في ساحات الغياب وحده، بينما هو يوهمني انه يراقصها، ويواصل حديثه : (فمها لصق أذني/ترفق بي أيها الراقص المبتدئ)، يذكرني بقول الشاعرة الجزائرية نجاة الزباير: (قال لي المساء/هشّي على غنيمات الصبابة بعصا الحلم،وحذار.. حذار من ذئاب الصّد/تهت في معناي)، فالحصيلة من قولها انها وحيدة، هي والقصيدة والمعنى، وهذا يعكس نفس معنى السامر بقوله : (ومن أناب عن الوجه الماثل في الظل/ببقايا ملامح/وخثرة ضوء/كأنها تراكم صور في العتمة).. اذن الشاعر السامر يتحرك داخل مساحة الغياب، وحاول التعويض من خلال الرقص، فالرقص حالة تربط المشاعر والجسد بالكون في منظومة ونوتة موسيقية يجهل أسرارها الكثيرون، فالرقص ليس وليداً عصرياً، بل وجد بوجود الإنسان الأول وتطور بتطور الحضارات، واختلف بمهامه وأداءه حسب اختلاف أنماط الحياة وأساليبها ومتطلباته، ومن خلال الرقص سجل حضورا السامر، هو ورفيقته الافتراضية التي شاركته تلك الرقصة، وراح يمني النفس، وهو يتصور همسها :

(أنا الليلة بين ذراعيك

خذني إلى غابتك المورقة

العشب سجادة الإله الممدودة

من العشق إلى العشق

ترفق بي)

وهنا بدأ الشاعر يؤثث المكان المتخيل بسجادة إلهية مدودة من عشقه الاول الى عشقه الاخير المتمثل بالرقصة الاولى، وهنا تتحرك حواسنا لتثبت ان حضور الجمال مرتبط بحضور الشعر، (فبإمكاننا أن نتلمس الجمال في شعر اللغات كلها. ذلك على الرغم من اختلاف التقاليد الشعرية بين الأمم, هذا إذا كانت رؤيتنا إلى النوع الأدبي محملة بسماحة تقبل حضور الآخر من جهة, وترفض فهم النوع الأدبي بصفته حاملاً لمكونات لا تتغير, مثل مكونات الهوية البيولوجية من جهة أخرى. وأذهب إلى أن افتراض وجود مشترك بين التقاليد الشعرية في مختلف اللغات, وعديد أساليبها بين الأمم, أمر ممكن, وصحيح على الدوام)،

روح الانسان

يقول كيتس: (ان الشعر يجب ان يكون عظيماً ومتواضعاً، يدخل روح الانسان، ولا يباغتها أو يحيرها بنفسه، بل بموضوعه)، واكثر الاحيان موضوعة الشعر، تكون سابحة في بحر متلاطم من المشاعر والاحاسيس المختلطة، لكن استلال المعنى هنا يحتاج الى فطنة وكد الذهن، وهكذا فعل الشاعر السامر واخذنا الى مناطق نائية في البحث عن المعنى وقصيدته (الرقصة الاولى)، حيث يقول :

(أنا من أوعزت للأصابع أن تمسك الظل

والكؤوس أن تريق ملامحنا

في عتمة لن تتكرر

ورقصتنا للتو بدأت.)

يقول عبدالعزيز الصعب : (من هنا فالإحساس هو ذلك الشعور الذي يجعل للإنسان قيمة يحقق من خلالها شيئا، وأنه يؤثر في من حوله.

 وعليه فإن الشاعر بطبيعته يعد صاحب إحساس كتابي حسب ظروفه وبيئته التي يعيش فيها، وهذا ما يجعلنا نقول إن البيئة هي شيء أساسي في خلق هذا الشعور الشعري والإحساس به، الذي يتم تصويره عند الشعراء بنصٍ شعري يعانق الذائقة.).

 وشاعرنا السامر نقل لنا احساسا متخيلا، وجعلنا نعيش وهم الرقصة الاولى .. ونحن اذ (نتوسل التأويل كنقطة مركزية بالمقاربات النقدية الجديدة بل تنطلق منه هذه المقاربات وتتفرع عنه كقراءات لمستويات النص الشعري المعاصر، ذلك لسببين: أولهما: “أن اللغة هي رحم مختبر الشعر المعاصر، فهي ممارسات نصية متعددة لا نهائية، بها تعددت طرق البحث عن حداثة شعرية مغايرة ومتميزة.

شاعر معاصر

 لغة هذا الشعر المعاصر تحولت إلى حقل التأمل بتصاعد الدوال في بناء النص، إذ كلما اتسعت تجربة الشاعر المعاصر أخذ الدال ينقش مجراه في بناء القصيدة.

وأعاد إلى الألفاظ التي رثت لكثرة ما تداولتها الألسن والأقلام اعتبارها، وخلع عليها جدة، ونفخ فيها روح الشباب. حتى اللغة اليومية أضحت مادة جمالية يصنع منها الشاعر المعاصر شعره ويضيف تجربة من نوع آخر.)، ومن المؤكد ان الشاعر حبيب السامر، قد اضاف شيئا في قصيدته (الرقصة الاولى).

{ قصيدة (الرقصة الأولى)، المنشورة في ثقافية الصباح (الثلاثاء/14 آب 2018/ع:4320



Most Read

2024-09-22 23:26:50