الإنتفاخ الزائف – حسين الصدر
-1-
يحمل الغرورُ والعُجب صاحبه على اجتراح ادعاءات عريضة لا يمكنه اثباتها وبالتالي ترتد سلبيا عليه لتنزله من (عليائه) المزعومة الى الحضيض ..!!
-2-
والادعاءات التي تفترض بلوغ المراتب العلمية العالية لا تنسجم مع ما يجب أنْ يحمله العلماء من صدق وتواضع ويقين بأنهم (لم يؤتوا من العلم الا قليلا) على حَدِّ تعبير القرآن .
-3-
وبمقدورنا القول :
كلما اتسعت المعرفة ، وامتدت آفاق العلم الى مديات واسعة ، فانك لن تجد الاّ أمواجا متلاطمة من العقلانية والتوازن والدقة في الاحكام، بعيداً عن الهوس، والافتنان بالذات، والمبالغة بها الى حدّ بعيد …
وأنى للأجوف أنْ يكون خُزانةً مليئة بدقائق الأفكار والأسرار ؟
-4-
ومن الأمثلة الشهيرة في التاريخ على ركوب موجة الادعاءات والمبالغات الممجوجة التي لا ترجع الى حقيقة : (مقاتل بن سليمان) .
حيث بلغ به الغرور الى درجة قال فيها :
” سلوني عما تحتَ العرشِ الى أسفل الثرى “
فقام اليه رجل من القوم فقال :
ما نسألك عما تحتَ العرش ،
ولا أسفل الثرى ،
ولكنْ نسألك عمّا كان في الارض ، وَذَكَرَهُ الله في كتابه :
أخبرني عن كلب أهل الكهف ،
ما كان لونُه ؟
فأفحم ولم يستطع الجواب
وواضحٌ من الادعاء الفضفاض الذي أطلقه (مقاتل) مِنْ احاطته بمعرفة أخبار السماء والارض، أنَّه كان قد تجاوز حدوده، وعرّض نفسه للتدحرج الى السفوح ، فيما يبقى العلماء الربانيون الصالحون مَحّطَ احترامِ الناس وثقتهم لما يرونه فيهم من تواضع واخلاص وصدق وبعد عن المجازفات المرّة .
-5-
وكما يدّعى المدّعون المراتب العلمية العليا – وهم عنها بعيدون – يدّعى آخرون أنهم أصحاب باع طويل في تصريف أمور البلاد والعباد ، وحين تتراكم فصول الفشل ، وتُثقل بالمعاناة كاهلَ المواطنين ، فانّهم يُلقون بتبعة المسؤولية على غيرهم .. حتى كأنهم المبرؤن من الخطايا والأخطاء ، ويستمرون في اصرارهم الغريب على قدراتهم وامكاناتهم الكبيرة لاخراج البلاد من المآزق، ناسين أنهم هم الذين كانوا سببها .
وهنا تكمن الطامة .
2024-09-23 01:33:37