Breaking News >> News >> Azzaman


عارضات أزياء أوكرانيات يبتعدن عن المنصات


Link [2022-03-15 01:53:41]



ميلانو‭ (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬قصدت‭ ‬بوغدانا‭ ‬البالغة‭ ‬22‭ ‬عاما‭ ‬ميلانو‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬كان‭ ‬مقررا‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬بضعة‭ ‬أيام‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬أسبوع‭ ‬الموضة،‭ ‬لكن‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬اندلعت‭ ‬في‭ ‬بلدها‭ ‬أرغمتها‭ ‬على‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬الإيطالية‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬عارضات‭ ‬أزياء‭ ‬أوكرانيات‭ ‬كثيرات‭… ‬وهي‭ ‬تمضي‭ ‬جل‭ ‬وقتها‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬فرز‭ ‬طرود‭ ‬مساعدات‭ ‬لمواطنيها‭.‬

وروت‭ ‬بوغدانا‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬أنها‭ ‬شعرت‭ ‬بأن‭ “‬من‭ ‬السخف‭” ‬أن‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬أزياء‭ ‬فيما‭ ‬يواجه‭ ‬مواطنوها‭ ‬الموت‭. ‬وقالت‭ “‬خجلت‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬على‭ ‬المنصة،‭ ‬وأحسست‭ ‬بأن‭ ‬الناس‭ ‬لا‭ ‬يأبهون‭” ‬بالعروض‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭. ‬

عندما‭ ‬دوّت‭ ‬صفارات‭ ‬الإنذار‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الليل‭ ‬في‭ ‬مدينتها‭ ‬بأوكرانيا،‭ ‬استيقظت‭ ‬بوغدانا‭ ‬ديدينكو‭ ‬نيفودنيك‭ ‬بفعل‭ ‬رنّة‭ ‬تطبيق‭ ‬على‭ ‬هاتفها‭ ‬الذكي‭. ‬ومن‭ ‬ميلانو،‭ ‬حيث‭ ‬تمكث،‭ ‬راحت‭ ‬تتابع‭ ‬مشاهد‭ ‬الحرب‭ ‬وتتسقط‭ ‬أخبارها‭ ‬أولاً‭ ‬بأول‭.‬

وأول‭ ‬ما‭ ‬خطر‭ ‬ببال‭ ‬العارضة‭ ‬الشابة‭ “‬العودة‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬قطار‭ ‬أو‭ ‬حافلة‭” ‬إلى‭ ‬كاميانسكي،‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬دنيبرو‭. ‬لكن‭ ‬زوجها،‭ ‬وهو‭ ‬جرّاح،‭ ‬تمكن‭ ‬مع‭ ‬عائلته‭ ‬من‭ ‬ثنيها‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭.‬

ومع‭ ‬متطوعين‭ ‬آخرين‭ ‬يناهز‭ ‬عددهم‭ ‬العشرين،‭ ‬تنكبّ‭ ‬بوغدانا،‭ ‬يقوامها‭ ‬النحيل‭ ‬وشعرها‭ ‬الأسود‭ ‬الطويل‭ ‬المربوط،‭ ‬على‭ ‬فرز‭ ‬طرود‭ ‬المساعدات‭ ‬التي‭ ‬توضع‭ ‬في‭ ‬فناء‭ ‬القنصلية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬في‭ ‬ميلانو‭ ‬تمهيداً‭ ‬لإرسالها‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬القتال‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭. ‬

وتزيّن‭ ‬رسوم‭ ‬ملونة‭ ‬لأطفال‭ ‬تحمل‭ ‬عبارة‭ “‬لا‭ ‬للحرب‭!” ‬واجهة‭ ‬المبنى‭ ‬التي‭ ‬وُضعت‭ ‬في‭ ‬أسفلها‭ ‬باقات‭ ‬من‭ ‬الزهور،‭ ‬فيما‭ ‬كانت‭ ‬سيارات‭ ‬وشاحنات‭ ‬تصل‭ ‬محمّلة‭ ‬بطرود‭ ‬أو‭ ‬تغادر‭ ‬حاملة‭ ‬غيرها،‭ ‬تحوي‭ ‬مواد‭ ‬غذائية‭ ‬وأدوية‭ ‬وبطاريات‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬ألعاباً‭.  ‬

وتؤكد‭ ‬عارضة‭ ‬الأزياء‭ ‬الشابة‭ ‬التي‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬عروض‭ ‬لكبرى‭ ‬العلامات‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ “‬إذا‭ ‬لزم‭ ‬الأمر،‭ ‬سألتحق‭ ‬بالجيش،‭ ‬إذ‭ ‬يضم‭ ‬في‭ ‬صفوفه‭ ‬عددا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬النساء،‭ ‬وأنا‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬للمخاطرة‭ ‬بحياتي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أوكرانيا‭”.‬

وهي‭ ‬كانت‭ ‬تتلقى‭ ‬تدريباً‭ ‬على‭ ‬الملاكمة‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬المراهقة‭. ‬وتقول‭ “‬لطالما‭ ‬كانت‭ ‬لدي‭ ‬روح‭ ‬قتالية‭”‬،‭ ‬مضيفة‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬أيضا‭ “‬بارعة‭ ‬في‭ ‬الرماية‭” ‬إذ‭ “‬كنا‭ ‬نتدرب‭ ‬على‭ ‬التصويب‭ ‬على‭ ‬الأهداف‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬فراغنا‭”.‬

وتتابع‭ ‬بوغدانا‭ ‬قائلة‭ “‬الجنود‭ ‬الروس‭ ‬الذين‭ ‬غزوا‭ ‬بلدي‭ ‬يرهبون‭ ‬شعبنا،‭ ‬ويريدون‭ ‬تدميرنا‭. ‬إنهم‭ ‬يظهرون‭ ‬للعالم‭ ‬كله‭ ‬أنهم‭ ‬مجرد‭ ‬حيوانات‭ ‬وروبوتات‭ ‬بلا‭ ‬روح،‭ ‬وآلات‭ ‬قتل‭”. ‬وتؤكد‭ ‬بسخط‭ “‬هم‭ ‬يقصفون‭ ‬مستشفيات‭ ‬أطفال‭ ‬حيث‭ ‬تقبع‭ ‬نساء‭ ‬حوامل،‭ ‬فكيف‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬هدفا‭ ‬استراتيجيا‭!” ‬من‭ ‬بين‭ ‬المتطوعين،‭ ‬تقول‭ ‬عارضة‭ ‬الأزياء‭ ‬الأوكرانية‭ ‬فاليا‭ ‬فيدوتوفا‭ (‬20‭ ‬عاما‭) ‬إنها‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬البكاء‭ ‬خلال‭ ‬عرض‭ ‬الأزياء‭ ‬الذي‭ ‬شاركت‭ ‬فيه‭ ‬ضمن‭ ‬أسبوع‭ ‬الموضة‭ ‬في‭ ‬ميلانو،‭ ‬وهو‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬مسيرتها‭ ‬المهنية‭ ‬الناشئة‭. ‬وتوضح‭ “‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يمكنك‭ ‬البكاء‭ ‬على‭ ‬المنصة،‭ ‬فهم‭ ‬يدفعون‭ ‬لي‭ ‬مقابل‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يمكّنني‭ ‬من‭ ‬إرسال‭ ‬الأموال‭ ‬إلى‭ ‬عائلتي‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭”. ‬في‭ ‬الليلة‭ ‬التي‭ ‬بدأ‭ ‬فيها‭ ‬الروس‭ ‬قصف‭ ‬مسقط‭ ‬رأسها‭ ‬في‭ ‬مالين‭ ‬الواقعة‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬حوالى‭ ‬مئة‭ ‬كيلومتر‭ ‬من‭ ‬كييف،‭ ‬تقول‭ ‬هذه‭ ‬الفتاة‭ ‬النحيلة‭ ‬ذات‭ ‬الوجه‭ ‬الجميل‭ ‬والتي‭ ‬تتشارك‭ ‬شقة‭ ‬مع‭ ‬ست‭ ‬عارضات‭ ‬أوكرانيات‭ ‬أخريات‭ ‬عالقات‭ ‬مثلها‭ ‬في‭ ‬ميلانو‭ “‬لم‭ ‬أستطع‭ ‬النوم،‭ ‬ما‭ ‬زلت‭ ‬تحت‭ ‬الصدمة‭”.‬

حتى‭ ‬قبل‭ ‬بدء‭ ‬القصف،‭ ‬توسلت‭ ‬الشابة‭ ‬عائلتها‭ ‬الفرار،‭ ‬لكنّ‭ ‬والدتها‭ ‬وشقيقتيها‭ ‬فقط‭ ‬لجأن‭ ‬إلى‭ ‬أقارب‭ ‬قرب‭ ‬الحدود‭ ‬مع‭ ‬بولندا،‭ ‬فيما‭ ‬فضّل‭ ‬والدها‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬مع‭ ‬القط‭.‬

وهي‭ ‬تحلم‭ ‬بأن‭ “‬تنتهي‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬الغبية‭”‬،‭ ‬قائلة‭ “‬أريد‭ ‬فقط‭ ‬أن‭ ‬أعيش‭ ‬حياة‭ ‬طبيعية‭ ‬وأذهب‭ ‬إلى‭ ‬المنزل‭ ‬وأرى‭ ‬عائلتي‭”.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬طلب‭ ‬إيفان‭ ‬سوكولوفسكي‭ (‬28‭ ‬عاما‭) ‬من‭ ‬صاحب‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الأزياء‭ ‬في‭ ‬ميلانو‭ ‬إجازة‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬لتقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬وتحميل‭ ‬الطرود‭ ‬على‭ ‬الشاحنات‭ ‬والعمل‭ ‬كمترجم‭ ‬فوري‭.‬

ويقول‭ ‬عارض‭ ‬الأزياء‭ ‬السابق‭ ‬من‭ ‬ترنوبل‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬أوكرانيا‭ “‬لم‭ ‬أستطع‭ ‬الجلوس‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬بمفردي‭ ‬لمشاهدة‭ ‬الأخبار،‭ ‬كنت‭ ‬أرغب‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬شعبي‭”.‬

ويكمن‭ ‬خوفه‭ ‬الكبير‭ ‬من‭ ‬تكرار‭ ‬سيناريو‭ ‬محطة‭ ‬تشيرنوبيل‭ ‬للطاقة،‭ ‬موقع‭ ‬أسوأ‭ ‬حادث‭ ‬نووي‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬عام‭ ‬1986‭ ‬والتي‭ ‬يحتلها‭ ‬الروس‭ ‬منذ‭ ‬24‭ ‬شباط‭/‬فبراير‭. ‬ويقول‭ “‬أعتقد‭ ‬أنهم‭ ‬سيفعلون‭ ‬شيئا‭ ‬ما‭ ‬مجدداً‭ ‬في‭ ‬تشيرنوبيل،‭ ‬وهذا‭ ‬يخيفني‭ ‬حقا‭. ‬إنهم‭ ‬مجانين‭ ‬لدرجة‭ ‬أنهم‭ ‬قادرون‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭ “‬‭.‬



Most Read

2024-09-23 01:26:00