Breaking News >> News >> Azzaman


هكذا يذلنا التعليم الأهلي – جليل وادي


Link [2022-03-13 03:32:26]



كلام أبيض

هكذا يذلنا التعليم الأهلي – جليل وادي

انتهت تجربتي الوجيزة في التدريس بالكليات الأهلية ، وزياراتي المتكررة لبعض الزملاء العاملين فيها ، ومتابعتي لبعض طلبتها الى انه ليس بالبعيد ذلك اليوم الذي يؤثر فيه المستثمرون في التعليم الأهلي بتنصيب وزراء التربية والتعليم العالي بما يحقق مصالحهم ويعظّم مواردهم ، فاذا بقت حال البلاد على ما هي عليه ، فأني أرى ذلك اليوم كما أرى أصابع يدي ، فهم قوة مالية هائلة ، تنمو بسرعة فائقة ، والمال سلطة مؤثرة بمقدورها عمل الأهوال في بلد أضعف ما فيه سلطة القانون ، وما يعزز هذا الرأي، هو التشبيك الذي يعمل عليه المستثمرون مع جهات فاعلة وسياسيين متنفذين . لذا ليس من الحكمة السياسية جعل المال الطائل بيد الأفراد من دون ضوابط شديدة سواء في التعليم او في غيره .

ومن الأشياء التي أسفت لحدوثها أشد الأسف تحّول الكثير من عمداء الكليات الأهلية ومعاونيهم الى جُباة أموال للمستثمرين ، وليس مخططين لكيفية الارتقاء بالتعليم العالي، وتحقيق مستوى من الجودة بحيث لا تكون الشهادات العلمية التي تمنح للطلبة مجانية . الملاحظات تشير الى ان الجميع ينجح ويحصل على الشهادة ، بينما المستوى العلمي يتراجع ، وعندما تتعثر الدولة في ايجاد فرص عمل للكم الهائل من الخريجين ، فانهم يتظاهرون منددين بتقصير الحكومة ، ومطالبين بإنصاف الكفاءات واستثمار طاقاتهم التي أنفقوا عليها ما أنفقوا ، وهذا هو ( وهم المعرفة ) ، الذي هو أخطر على البلاد من الجهل . نتطلع لتعليم أهلي مكملا للتعليم الرسمي وليس مخربا .

لا يمكن أن يفارق ذاكرتي منظر ام الشهيدين ، تلك المرأة الستينية بعباءتها السوداء ووجها الشاحب الحزين وهي تتوسل أحد عمداء الكليات الأهلية من أجل تقسيط المبلغ المتبقي من الأجور الدراسية لولدها على دفعتين ، أقصاها رأس الشهر ونحن في اسبوعه الأول ، لكن العميد رفض ذلك رفضا قاطعا ، وعندما أوشكت دموعها على الانهمار حاول تبرير ذلك بعدم قبول المستثمر ، ولا يقتصر الأمر على هذه المرأة ، بل هناك المئات من العوائل التي تتعرض لهذا الاذلال ، من وضع عوائلنا في هذا الموقف المذل ؟ فليس جميع من يدرس في الكليات الأهلية من عوائل ثرية ؟ بل أجبروا على ذلك ، وأسباب ذلك شتى ، ولها حديث آخر . لابد أن تُحدد الأجور الدراسية وطرق تسديدها ونسب التخفيض بشكل مركزي من الوزارة وبمتابعة جادة ، وليس على هوى المستثمرين.

أسمع من الزملاء ان العميد او المعاون الذي يتراخى في جباية الأموال يمسح المستثمر به الأرض ، ولن يكون له مكانا في الكلية ، بل سيطرد شر طردة ، وكيف يفرط هؤلاء بمنصب ورواتب مجزية وجلهم من المتقاعدن ؟ . ان الاعتراض على ما يريده المستثمر يعني موتا بطيئا في بيوتهم ، او الاستسلام لذل البطالة بالنسبة للتدريسين غير المعينين في الكليات الرسمية . المستثمرون يحددون الرواتب على هواهم مع التمنن ، ومن الرواتب ما يندى لها الجبين ، ما يضطرهم على القبول وان كان الاذلال واضحا .

لم أر في الكليات الأهلية عملية علمية رصينة يتطلع لها بلد يريد مسابقة الزمن لتعويض تأخره عن العالم ، بل وجدت كوفيات جرى تهيئتها على أحسن ما يكون لإشباع رغبات الشباب ، الى درجة ان الموجودين فيها أكثر من الحاضرين في الصف ، ومع ذلك لا تستطيع ادارات الكليات اتخاذ قرارات حاسمة ، حتى الفاشلون في الامتحانات لابد من نجاحهم الا في حالة عدم أداء الامتحان ، لأن فشلهم يعني حرمان الكلية من مورد مالي، فضلا عن رسم صورة سلبية عنها في أذهان الراغبين بدخولها مستقبلا .  ويتوافق ذلك مع طلبة يشغلهم الحصول على شهادات وليس اكتساب علم ومهارات ، الشهادة تؤهل صاحبها للمطالبة بالتعيين في القطاع العام ، وكثيرا ما يحدث ذلك على حساب طالب توافر على تأهيل حقيقي بحدود مقبولة في الكليات الرسمية . كثيرة هي الأمور المستفزة في هذه الكليات ، وأكثرها عندما يقول لك عميد كلية أهلية : بأنه غير ملزم بتعليمات الوزارة وضوابطها .

jwhj1963@yahoo.com



Most Read

2024-09-23 05:34:12