Breaking News >> News >> Azzaman


السياسي في معنى آخر


Link [2022-03-12 15:38:48]



فاتح عبدالسلام

دائماً،‭ ‬يرتقي‭ ‬الاستخدام‭ ‬الاصطلاحي‭ ‬بمعنى‭ ‬اية‭ ‬مفردة‭ ‬من‭ ‬أصولها‭ ‬اللغوية‭ ‬الى‭ ‬مستويات‭ ‬ودلالات‭ ‬أعمق‭ ‬في‭ ‬المعنى،‭ ‬حين‭ ‬تحولها‭ ‬مصطلحاً،‭ ‬الا‭ ‬مفردة‭ ‬السياسي‭ ‬كمصطلح‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬السياسيين‭ ‬ومواقفهم‭ ‬وسلوكهم‭ ‬وفسادهم،‭ ‬معلّقة‭ ‬فاشوشية‭ ‬وضحلة،‭ ‬لا‭ ‬تنتمي‭ ‬الى‭ ‬رقي‭ ‬المعنى‭ ‬الاصطلاحي‭ ‬ولا‭ ‬الى‭ ‬الجذر‭ ‬اللغوي‭ ‬بمستوياته‭ ‬الدلالية‭ ‬البسيطة‭. ‬فالسياسي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬موجودا‭ ‬بمعنى‭ ‬المصطلح‭ ‬الذي‭ ‬يعني‭ ‬متدبر‭ ‬الأمور‭ ‬وقيادة‭ ‬السفن‭ ‬من‭ ‬أعالي‭ ‬البحار‭ ‬الهائجة‭ ‬الى‭ ‬السواحل‭ ‬الهادئة‭ ‬المطمئنة،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬سياسيو‭ ‬هذه‭ ‬الايام‭ ‬متمثلين‭ ‬المعنى‭ ‬الحرفي‭ ‬في‭ ‬الجذر‭ ‬اللغوي‭ ‬لكلمة‭ ‬سياسي،‭ ‬المشتقة‭ ‬من‭ ‬ساس‭ ‬الدواب‭ ‬وروضها‭ ‬وعني‭ ‬بها‭ ‬وتدبر‭ ‬أمورها‭.‬

السياسيون،‭ ‬كشفوا‭ ‬عن‭ ‬هوياتهم‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬عقدين‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬السلطة‭ ‬المتنوعة‭ ‬المباشرة‭ ‬وغير‭ ‬المباشرة‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬وما‭ ‬كانت‭ ‬صورتهم‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الوضوح‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬مراقبين‭ ‬او‭ ‬مواطنين‭ ‬عاديين‭ ‬لولا‭ ‬انعكاسها‭ ‬في‭ ‬مرايا‭ ‬السلطة‭ ‬الفاضحة،‭ ‬هم‭ ‬مجرد‭ ‬أرقام‭ ‬في‭ ‬دواليب‭ ‬أحزاب‭ ‬مقفلة‭ ‬معتمة‭ ‬واذا‭ ‬أشرق‭ ‬نور‭ ‬فيها‭ ‬يوما‭ ‬كان‭ ‬ضبابيا‭ ‬محتجباً‭ ‬خلف‭ ‬غلاف‭ ‬سميك‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬باطني‭ ‬لأحزاب،‭ ‬لا‭ ‬تزاول‭ ‬التسامح‭ ‬والتعددية‭ ‬في‭ ‬حياتها‭ ‬الداخلية،‭ ‬فكيف‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬نتوقع‭ ‬مكنها‭ ‬ان‭ ‬تفيض‭ ‬بدعم‭ ‬مسارات‭ ‬تداول‭ ‬السلطة‭ ‬والتعددية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬وحرية‭ ‬الرأي‭ ‬والاختيار‭ ‬خارج‭ ‬دهاليزها،‭ ‬وعند‭ ‬مواجهة‭ ‬الشعب‭ ‬؟‭ ‬والسبب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬انّ‭ ‬الأحزاب‭ ‬في‭ ‬مُتشكلها‭ ‬المظهري‭ ‬التداولي‭ ‬انّما‭ ‬هي‭ ‬صدى‭ ‬لتكوينات‭ ‬اجتماعية‭ ‬ودينية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬الانقسامية‭ ‬والتمترس،‭ ‬وان‭ ‬اغلبها‭ ‬مارس‭ ‬التزييف‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬قبل‭ ‬الاخرين،‭ ‬حين‭ ‬تغطى‭ ‬بشعارات‭ ‬بحسب‭ ‬مضائق‭ ‬المراحل‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬بها،‭ ‬اتسمت‭ ‬بالوطنية‭ ‬التي‭ ‬تناقش‭ ‬التكوين‭ ‬الأيديولوجي‭ ‬الأساس‭ ‬لمعظمهم‭.‬

هؤلاء‭ ‬يصنعون‭ ‬سياسة‭ ‬تنتسب‭ ‬الى‭ ‬نفس‭ ‬فوضى‭ ‬العُقد‭ ‬الداخلية‭ ‬التي‭ ‬أنتجتهم‭. ‬لو‭ ‬بقيت‭ ‬بعض‭ ‬الأحزاب‭ ‬مجسدة‭ ‬للطبائع‭ ‬القبلية‭ ‬او‭ ‬المذهبية‭ ‬او‭ ‬الفئوية،‭ ‬كتصنيف‭ ‬اخر‭ ‬غير‭ ‬الحزبي،‭ ‬لربما‭ ‬جرى‭ ‬إعادة‭ ‬الالتحام‭ ‬الوطني‭ ‬استنادا‭ ‬الى‭ ‬مصالح‭ ‬ومنافع‭ ‬يتبادلها‭ ‬أبناء‭ ‬المجتمع‭ ‬ويصنعون‭ ‬عبرها‭ ‬ناموسهم‭ ‬الوطني‭ ‬القار‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬كواقع‭ ‬حقيقي،‭ ‬وليس‭ ‬معلقا‭ ‬بشعارات‭ ‬واهواء‭ ‬وتهويمات‭ ‬سياسيين،‭ ‬يفيدون‭ ‬من‭ ‬مرجعياتهم‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الارتقاء‭ ‬بالمعاني‭ ‬السيامية‭ ‬التي‭ ‬يحملونها‭ ‬في‭ ‬عناوينهم‭.‬

اغلب‭ ‬الأحزاب‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬تمثل‭ ‬ان‭ ‬السياسة‭ ‬تعني‭ ‬التجرد‭ ‬من‭ ‬الاخلاق،‭ ‬بوصفها‭ ‬المنظومة‭ ‬القيمية‭ ‬المتوارثة‭ ‬والمعززة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرحلة‭ ‬زمنية‭ ‬بعوامل‭ ‬استقراء‭ ‬ونمو‭ ‬حتى‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬مقاربات‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬ضبط‭ ‬حركة‭ ‬المجتمعات‭. ‬تصورا‭ ‬ان‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬نسف‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬مشروعه‭ ‬للوصول‭ ‬الى‭ ‬السلطة،‭ ‬وقبلها‭ ‬التسلل‭ ‬الى‭ ‬مسامات‭ ‬المجتمع‭.‬

كيف‭ ‬يمكن‭ ‬تعريف‭ ‬هذا‭ ‬السياسي،‭ ‬خارج‭ ‬كونه‭ ‬سياسياً‭ ‬واطياً‭ ‬وموطوءاً‭.‬

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com



Most Read

2024-09-23 05:32:47