باريس قلقة من احتمال تأخر الاتفاق على النووي الإيراني بعد مطالب روسيا
طهران- – فيينا – باريس – الزمان
أعلنت إيران الثلاثاء وضع قمر اصطناعي عسكري جديد في المدار، في خطوة ترتبط ببرنامجها الفضائي الذي سبق أن أثار انتقادات غربية، وتأتي في خضم مرحلة دقيقة متعلقة بالمباحثات مع القوى الكبرى لاحياء الاتفاق بشأن برنامجها النووي.
فيما شدد الرئيس الايراني آية الله ابراهيم رئيسي بشأن مفاوضات رفع الحظر في فيينا، على «اننا لم ولن نتراجع عن اي من خطوطنا الحمراء».
وذلك في كلمة له في اجتماع مجلس خبراء القيادة الثلاثاء. وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية الثلاثاء أن باريس «قلقة» مما تمثله أي مهل إضافية من مخاطر على إمكانية إبرام الاتفاق النووي الإيراني الذي قالت إنه بات «قريبا جدا»، في إشارة إلى المطالب الروسية الجديدة المتصلة بالحرب في أوكرانيا. وذكرت الوزارة في بيان «نحن قريبون جدًا من التوصل إلى اتفاق» لكننا «قلقون حيال المخاطر التي تمثلها مهل إضافية على إمكانية إبرام اتفاق».
وفي وقت ازدادت فيه الإعلانات المتفائلة المُشيرة إلى أن اتفاقًا في فيينا أصبح وشيكًا، طلبت روسيا التي خضعت لعقوبات غربية بعد غزوها لأوكرانيا، ضمانات أميركية بأن هذه الإجراءات الانتقامية لن تؤثر على تعاونها مع إيران. وشدد دبلوماسي الاتحاد الأوروبي انريكي مورا الذي يتولى تنسيق المباحثات النووية، على ضرورة اتخاذ قرارات توقيع الاتفاق خلال «أيام». وكتب مورا عبر تويتر «لم تعد ثمة اجتماعات على مستوى الخبراء ولا اجتماعات رسمية. حان الوقت، خلال الأيام القليلة المقبلة، لاتخاذ قرارات سياسية لانهاء مباحثات فيينا وأفادت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية «إرنا» عن نجاح الحرس الثوري في وضع القمر في المدار. وأوضحت إن «القمر الاصطناعي العسكري الثاني، نور 2، تم إطلاقه الى الفضاء عبر (الصاروخ) الناقل للأقمار الاصطناعية قاصد من قبل القوة الجوفضائية للحرس الثوري، ووضع بنجاح في المدار على ارتفاع 500 كلم». وأكد الحرس أن القمر الجديد هو «قمر استطلاع»، وذلك وفق بيان نشره موقعه الالكتروني الرسمي «سباه نيوز». ولم يحدد الموقع تاريخ عملية الاطلاق، الا أنه أشار الى أنها تمت من «صحراء شاهرود» في محافظة سمنان الواقعة على نحو 300 كلم الى الشرق من طهران. وهي المرة الثانية التي يعلن فيها الحرس نجاحه في إطلاق قمر اصطناعي عسكري، بعدما أفاد في 22 نيسان/أبريل 2020 عن وضع «نور 1» في المدار، مؤكدا أنه «أول قمر» إيراني من هذا النوع. وأكد «سباه نيوز» أن القمر الأول لا يزال فاعلا «ويقوم بإرسال المعلومات ونوّه قائد الحرس اللواء حسين سلامي بوضع القمر الجديد، معتبرا ذلك «تقدما كبيرا»، وذلك في تصريحات على هامش الاطلاق أوردها «سباه نيوز». واعتبر أن «الحضور في الفضاء هو إحدى معايير الدول المتطورة في العالم».كما اشاد وزير الاتصالات عيسى زارع بور بـ»نجاح» إطلاق القمر، مؤكدا أنه تم «تم التقاط الإشارات الأولى من نور 2 بنجاح من قبل المحطات الأرضية». وأوضح إن القمر «سيدور حول الأرض مرة كل 90 دقيقة، ومهمته تمتد ثلاثة أعوام على الأقل»، وفق «إرنا». ويأتي ذلك بعد أقل من شهرين على إعلان الحرس «نجاح» تجربة صاروخ يعمل محركه بالوقود الصلب، وقادر على حمل أقمار اصطناعية. كما أنها المرة الثانية خلال أقل من ثلاثة أشهر، تعلن فيها إيران إطلاق صاروخ الى الفضاء.
وأكد مسؤولون إيرانيون في 30 كانون الأول/ديسمبر إطلاق صاروخ يحمل معدات بحثية، لم ينجح بوضعها في المدار. وفي حينه، أعربت الولايات المتحدة، عن قلقها من الخطوة الإيرانية. وغالبا ما تلقى النشاطات الفضائية الإيرانية، إدانة دول غربية على خلفية المخاوف من لجوء طهران لتعزيز خبرتها في مجال الصواريخ البالستية من خلال إطلاق أقمار اصطناعية الى الفضاء.
من جهتها، تؤكد ايران أن برنامجها الفضائي «حق» لها، ومخصص لغايات مدنية وبحثية، ويتوافق مع قرارات مجلس الأمن الدولي. وهي ليست المرة الأولى يتم فيها الاعلان عن عمليات إطلاق إيرانية، علما بأن نسب نجاحها كانت متفاوتة. فقد كشفت وزارة الدفاع الأميركية في حزيران/يونيو الماضي، أن إيران فشلت في إطلاق قمر اصطناعي الى الفضاء.
كما أعلنت طهران في شباط/فبراير 2020، فشل محاولة وضع قمر اصطناعي للمراقبة العلمية في المدار، في ثاني اخفاق من نوعه خلال نحو عام، بعد فشل محاولة في كانون الثاني/يناير 2019.
وأتى الاعلان الجديد بينما تخوض طهران والقوى الكبرى منذ أشهر، في مباحثات في فيينا لإحياء اتفاق عام 2015 بشأن البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية.وتجرى المباحثات بين إيران والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق، أي فرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا، وتشارك فيها بشكل غير مباشر الولايات المتحدة التي انسحبت من الاتفاق بشكل أحادي في 2018.
وبعد تأكيد المعنيين أن انجاز التفاهم بات قريبا ويحتاج لقرارات «سياسية»، برز تعقيد إضافي في الأيام الماضية يرتبط بتبعات الأزمة الجيوسياسية بين روسيا والغرب، والعقوبات التي فرضت على موسكو بسبب غزو قواتها لأراضي أوكرانيا.
«.وأتى ذلك بعيد إعلان الاعلام الرسمي الإيراني، أن كبير المفاوضين علي باقري سيعود الى طهران للتشاور. وشددت روسيا الإثنين على تمسّكها بـ»الحقوق المتساوية» لكل أطراف الاتفاق.
وأعلنت الخارجية الروسية أن اتصالا هاتفيا الإثنين بين الوزير سيرغي لافروف ونظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، تخلله «تأكيد أن احياء خطة العمل الشاملة المشتركة (الاسم الرسمي للاتفاق) يجب أن يضمن تمتع كل الأطراف بحقوق متساوية في ما يتعلق بتطوير التعاون في كل المجالات بلا عوائق».
وكان لافروف كشف السبت أن بلاده طلبت ضمانات مكتوبة من الولايات المتحدة، لحماية تعاونها مع طهران من العقوبات الغربية الواسعة النطاق التي بدأ فرضها عليها في الآونة الأخيرة، على خلفية قيامها بغزو أراضي أوكرانيا.
لكن نظيره الأميركي أنتوني بلينكن اعتبر أن هذه المطالب «خارج السياق»، نافيا وجود «رابط» بين العقوبات ودور لروسيا في إطار احياء الاتفاق النووي.
وأدت روسيا دورا أساسيا في التفاوض بشأن الاتفاق وخطواته التطبيقية، مثل نقل يورانيوم مخصّب من إيران إلى أراضيها، ودعم برنامج طهران المدني.
وأثار الموقف الروسي مخاوف من تعقّد انجاز التفاهم سريعا في فيينا، وهو ما كانت تنادي به أطراف غربية، خصوصا في ظل تسارع الأنشطة النووية لإيران.
وأتاح الاتفاق النووي رفع عقوبات عن طهران، مقابل تقييد أنشطتها النووية. الا ان واشنطن أعادت بعد انسحابها، فرض عقوبات على طهران، ما دفع الأخيرة للتراجع عن تنفيذ غالبية التزاماتها.
2024-09-23 07:27:06