Breaking News >> News >> Azzaman


أخبار لتلميع السلطويين – حسين الصدر


Link [2022-03-08 23:33:35]



أخبار لتلميع السلطويين – حسين الصدر

-1-

كان المنصور العباسي (عبد الله بن محمد بن علي) مشهوراً بالبخل الشديد، حتى قال عنه السيوطي في تاريخ الخلفاء :

(كان غايةً في الحرص والبخل فلُقب أبا الدوانيق لمحاسبته العُمّال والصُنّاع على الدوانيق والحبات)

راجع المصدر  ص 167

وجاء فيه أيضاً :

(رأتْ جاريةُ المنصور قميصَهُ مَرْقُوعاً فقالت :

خليفة وقميصه مرقوع ؟!

فقال :

أما سمعت قولَ ابن هرمة :

قد يدركُ الشرفَ الفتى ورداؤُه

خَلِقٌ وَجَيْبُ قميصِهِ مَرْقُوعُ

وجاء فيه أيضا :

انّ سلم الحادي حدا له فطرب حتى كاد يسقط من الراحلة، فأجازه بنصف درهم فقال :

لقد حدوتُ بهشام فأجازني بعشرة آلاف فقال :

ما كان له أنْ يُعطيكَ ذلك مِنْ بيتِ المال .

يا ربيع :

وَكِّلْ به مَنْ يقبضها منه ،

فما زالوا به حتى تركه على أنْ يحدو به ذهابا وإيابا بغير شيء “

المصدر السابق ص 172

والسؤال الآن :

من يبخل على نفسه بقميص خالٍ من الرُقع هل يصح منّا أنْ نصدّق أنه أعطى شخصا واحداً الآلاف المؤلفة مرّة بعد مرّة ؟

جاء في العقد الفريد ج1 ص 256 :

” كان ابو جعفر المنصور أيام بني أُميّة اذا دخل البصرة دخل مُسْتَتِرَاً ، فكان يجلس في حلقة أزهر السمّان المحدّث فلما أفضت الخلافة اليه ، قَدِمَ عليه أزهر فرّحب به وقرّبهُ ، وقال له :

ما حاجَتُك يا أزهر ؟

قال :

داري متهدمة ،

وعليّ أربعة آلاف درهم ،

وأريد أنْ يبني محمد ابني بعياله، فوصله باثني عشر ألفاً وقال :

قد قضينا حاجتك يا أزهر ، فلا تأتنا طالِباً .

فَأَخَذَها وارتحل .

فلما كان بعد سنة أتاه ، فلما رآه أبو جعفر قال :

ما جاء بك يا أزهر ؟

قال :

جِئْتُكَ مُسَلِّما .

قال :

انه يقع في خلد أمير المؤمنين أنّك جئتَ طالبا .

قال :

ما جئتُ الا مُسَلِّماً

قال :

قد أمرنا لك باثنى عشر ألفا واذهبْ فلا تأتنا طالِباً ولا مُسلِّماً.

فأخذها ومضى.

فلما كان بعد سنة أتاه، فقال:

ماجاء بك يا أزهر؟

قال: أتيتُك عائداً.

قال:

انّه يقع في خلد أمير المؤمنين انك جئت طالِباً.

قال:

ما جئتُ الا عائداً.

 قال:

قد أمرنا لك باثني عشر ألفاً،

واذهب فلا تأتنا لا طالباً ولا مُسلّماً ولا عائداً،

 فأخذها وانصرف .

فلما مضت السنة أقبل،

فقال له:

ما جاء بك يا أزهر؟

قال: دعاء كنتُ اسمعكَ تدعو به …

جئت لأكتبه.

فضحك ابو جعفر وقال:

انه دعاء غير مستجاب، وذلك أني قد دعوت الله تعالى به أنْ لا أراك، فلم يستجب لي،

وقد أمرنا لك باثنى عشر ألفاً، فاذهب وتعال متى شئت، فقد أعيتني فيك الحيلة.

المصدر السابق ص 257

بهذه الرواية الموضوعة وبأمثالها يراد تبرئة المنصور من وصمة البخل ولكن هيهات لعاقل أنْ يصدّقها ويقتنع بها بعد اليقين الراسخ بما كان ينطوي عليه من الشح والحرص .

-2-

ومخطئ من يعتقد بأنّ محاولات تلميع صور المشهورين بالقبح والسفالة من السلطويين قد انتهت، حيث أنّ هناك جيوشاً الكترونية مُجندة للقيام بعمليات تجميل واخفاء لمواطن القبح وافتعال مواقف ومناقب ليس لها وجود، كل ذلك وصولاً الى تزوير الحقائق، ولكنّ العراقيين أصحاب ذكاء وفطنة ومعرفة ودراية ولن يخدعوا أبداً بمثل تلك المحاولات البائسة .

                                               -3-

حاشا لذوي العقول والبصائر أنْ تنطلي عليهم الخدع والأكاذيب والأباطيل ولن يصح الا الصحيح .

ومَنْ يحاول الضحك على الناس مضحوك عليه لا محالة .

وهنا تكمن العظة .



Most Read

2024-09-23 07:36:35