قلت لكم مرة إن أشهر مناماتي التي تشبه الجيثوم يدور حول تلك القطة السوداء التي لا يكاد ينفني أسبوع حتى أراها شاخصة قدامي ، وقبل أن تصيبني بمقتل أقوم بأمر دماغي فأفزُّ من نومتي ملطخاً بعرق دبق ورعب مبين .
أما الحلم الثاني فهو خاص بمعشوقتي الأبدية كرة القدم ، وهذه مثل القطة السوداء تأتيني قاسية ومهلكة وشامتة .
يتكامل في نومي القلق دائماً نزول الفريقين إلى أرض سبخاء ، أما أنا فما زلت منشغلاً بالتفتيش عن حذائي الضائع حتى النهاية .
أنزل إلى الملعب حافياً إلا من جورب مثقوب من جهة الإبهام ، فأتلقى كرة رائعة من صديق وعندما أحاول السيطرة عليها فإنها تسيح من تحتي وتهرب إلى خارج خط القانون .
يرمي لي الرب كرة مدهشة أكون معها بمواجهة مرمى خالٍ من حارسه ، فأخفق في ركلها وتسجيل هدف سهل وممكن .
أحاول منع أحد أعضاء فريق الخصوم من المرور ، وهو من صنف الأغرار الذين لا يعرف واحدهم أين يقع طيز الكرة ، لكنه يراوغني ويراقصني ويجعلني عاجزاً عن التفريق بين يميني وشمالي ، ويمرر المستديرة المجنونة من بين ساقيَّ السائبتين ، وهنا سيكون بمستطاعي رؤية المتفرجين وهم يدسون أصابعهم بأفواههم ويعزفون مقطوعة هائلة من صفير المهانة العظيم .
أعطش كأنني صبارة بصحراء فلا أجد قطرة أبلُّ بها بعض جوفي اليابس ، وأنظر إلى صحبي وهم يحتسون العصائر والمياه وتدليك الطبيب .
أجمع قوتي وأطير لقنص كرة عالية ، فأفشل وأهبط على الأرض مثل واحد سقط من على رأس جبل ونسي قلبه هناك .
أصير بمنزل مريح من حلق هدف الخصم ، فيصفر الحكم الوغد ويرفع بوجهي راية التسلل الحمراء ، بسبب دخول إضفر إصبعي الضخم إلى ساتر منطقة الحرام وأمان الحارس .
البارحة فقط كنت تاماً وكاملاً وقوياً ، ومع صافرة البدء إنطفأت إضاءة الساحة وتغطت بظلام مخيف لم أتبين منه سوى وجه تلك الهرة السوداء المهرهرة الحقيرة .
يا لك من حياة مبهجة حتى في باب الحلم الجميل !!
2024-09-23 09:39:52