Muristek
فم مفتوح .. فم مغلق
سؤال مستفز في قشلة المتنبي – زيد الحلّي
لم اتشرف بمعرفتها سابقاً ، لكن بعد ان قدمها لي الروائي الصديق صادق الجمل اثناء حضوري فعالية في قشلة المتنبي ، عرفت انها استاذة جامعية وكاتبة ، وبعد عبارات التعارف والمجاملة السريعة ، باغتتني بسؤال مستفز ، ارادت الجواب عليه ، سؤالها هو، يقول فولتير: ( أينما وجد الظلم ، فالكتّاب هم المسؤولون عنه ) ويقول لينين: (المثقف هو الأسرع في الخيانة الوطنية لأنه الأقدر على تبريرها).. فما هو رأيك في القولين ؟
صدمت بالسؤال الذي يغمز من قناة المثقفين ، مثلما صدمتني جرأتها في طرحه ، وحاول الصديق الجمل بحنكته ولطافته تخفيف الحال ، لكني اجبتها بسرعة ، بما طاف الى ذهني ، بالقول ان مفردتي الظلم والخيانة لا وجود لهما في سيرورة الكاتب والمثقف الانسان الحق الذي تجري في وجدانه مياه الانسانية ، وحب شعبه والتعلق بأهداف الحرية المجتمعية ..ومثلما لكل قاعدة استثناء ، فأكيد هناك من دخل الفضاء الثقافي على مر الازمان بهدف سيئ ، فخان وطنه ، وبرر الظلم ، وهم قلة قياساً الى حجم النبل الذي تمثله القاعدة الذهبية للأدب والادباء الانقياء الذين خاضوا النضال في سبيل اوطانهم ، وتوعية شعوبهم .
ولكي نفهم دور المثقفين في المجتمع، علينا أن نفهم ما يفعلونه، وليس ما يقولون أنهم يفعلونه، أو حتى ما قد يعتقدون أنهم يفعلونه ، فهم اولا بشر ، لهم رؤاهم ومزاجهم .. فيهم الاصيل ، وفيهم مدعي الاصالة ، غير ان الزمن كفيل بكشف الحقائق التي تظهر من يصفقون للظلم ، ومن يبررون خيانة أوطانهم ، وعند ذاك نعرف الفرق بين المثقف الزائف والمخادع والمثقف الحقيقي.
ان المثقف الاصيل ، يمثل الوطن بمساحاته الشـاسعة ، وتاريخه المجيد ، وشعبه المتجه نحو نور شمس المجد ، هو يمثل زرقة المياه في نقائه ، يمقت الخيانة وهو المجسد لمقولة (بلادي وإن جارت علي عزيزة).. المثقف هو الامل في الغد المشرق في كل الازمان ،وهو الساعي الى صنع فن الحياة ، لجعلها أكثر نشاطا وحيوية ، مشعة دوما بالإصرار، رغم ما فيها من خبايا وانتكاسات ، إنه يرشدنا إلى كيف نكون واعين ومفعمين بالأمل ، وافكاره تتحرك عبر الزمان والمكان، حاملة قوى مستديمة في الروح ، وتلك سمة لا يجيدها إلا المثقفون الاصلاء ، فهم من يحملون الحقيقة في وجه القوة والاستعباد والظلم .
مرحى للمثقفين الانقياء الذين شهروا اقلامهم لنصرة الانسانية ، والتعاسة لأدعياء ” الثقافة ” الذين يتمنون ان تعم الرداءة والخيانة في المجتمع لتصبحا مستساغة ثم مطلوبة!
Z_alhilly@yahoo.com