Breaking News >> News >> Azzaman


سنة على زيارة القديس والنتاج غائب والثمر غير مقطوف – علي الشكري 


Link [2022-03-06 01:13:45]



سنة على زيارة القديس والنتاج غائب والثمر غير مقطوف – علي الشكري

منذ سنة خلت ، وطأت اقدام قداسة البابا فرنسيس أرض العراق ، في زيارة هي الأولى بتاريخ العراق لقداسة بابا الفاتيكان ، فمثل هذه الزيارة لم يسبق وأن كرم بها حبر اعظم ،  العراق . فكانت واحدة من أبرز أحداث العراق للقرن الحادي والعشرين . ونادراً ما تُجمع شعوب البلدان على حدث أو مناسبة ، واللافت أن الشعب العراقي المنقسم دائما لا غالباً ،  بأديانه ومكوناته وتنوعاته وطوائفه وطبقاته ومثقفيه ، اجمعوا على الترحاب بالزيارة والتهليل لها ، بل راحت اعينهم تتبع  خطوات قداسته ولقاءاته وخطبه، فكانت زيارته جامعة شاملة راعية ، زار فيها النجف الأشرف ، فاجتمع المتقشفان في حارة قديمة ، وبيت صغير ، وبناء وسم عليه الزمن آثاره ، وتبادلا الكلام بلغة العيون ، وسطور القسمات ، ولما احتاجا لمترجم تولى القلبان الإفصاح ، عما يجول في الخاطر ، وما يدور في الفكر ، وما يُحمل في القلب من هموم البشرية ، كل منهما يرى التقرب الى الله في احتضان  الرعية ، وتجنيبها شرور الطغيان ، والحروب والاستبداد والاضطهاد ، البابا برداءه الأبيض ، ورئته الوحيدة ، ورجله الكليلة ، يمد جسراً وطيدا من ارض الفاتيكان الى ارض النجف ، ليجدد إيمانه بوحدة البشرية ، وشراكة المصير ، وحصيلة المآل والمنتهى ، مصدقاً لخالدة الإمام علي عليه السلام ” الناس صنفان أما اخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ” . أما آية الله العظمى السيد علي السيستاني ” دام ظله ” المشهور بنهج بلاغته ، وقلة كلامه ، وهدوء صوته ، وعمق تفكيره ، ودقة نظرته ، وشدة حكمته ،  وصدق زهده ، وشدة تواضعه ، راح يطيل النظر لقداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس ، الذي بادله النظرات ذاتها ، وكأن كل منهما يستشعر تآخر الزيارة ، وبعد اللقاء ، ووحدة الهم ، وشراكة المسؤولية ، وثقل الأمانة ، فلفت لقاء الكبيران أنظار العالم ، الى حقيقية وحدة الإنسانية ، وغلبة المشتركات ، وتقارب الكبار ، وعظم المسؤولية ، وشراكة الارث البشري والديني ، ونعمة وجود الكبيران آية الله العظمى السيد السيستاني وقداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس . وتشرفت أرض أور بزيارة قداسته ، فكان الحج الأول للأب الروحي ، بل الأول لحج حبر أعظم بتاريخ الكنيسة الكاثوليكية ، وعلى ارض أور اجتمعت الأديان والطوائف ، وتلاقحت الحضارات والمدنيات ، وتوحدت اللغات واللهجات ،  وامتزجت المشاعر والخلجات ، فاجتمع تحت خيمة واحدة ، من أراد الإرهاب أن يدق اسفين بينهم ، إيماناً لا مظهراً ، المسلم والمسيحي ، الايزيدي والصابئي ، السني والشيعي ، فكان لقداسته شرف توجيه الأنظار  الى وحدة الخطر ، ووجوب الحذر ، وقيمة العيش تحت مظلة وطن ، موحدين لا متفرقين ، مجتمعين لا متنافرين ، متآخين لا متناحرين . ومن أور شد قداسته العزم ، للقاء الاتباع والانصار على ارض نينوى ، نينوى التي أراد لها الإرهاب أن تكون شاهدة ، على أبشع جريمة شهدتها الإنسانية في العصر الحديث ، الجريمة التي أردت طمس قيم دين ، ومعالم حضارة ، وحاضرة علم ، وخزين ثقافة ، فطال الإرهاب الكنيسة ، والمعبد والجامع والجامعة والمركز الثقافي بل ورياض الأطفال ، فالتقى قداسته ، الاتباع واحتضن الانصار وأقام القداس والصلوات ، على ركامٍ وحجارة وأطلال ، فبث في الحجر الحياة ، وأحيا بمحبته ما ظن الإرهاب أنه مات ، وبث بكلماته الأمل بغد افضل آت .   مضت سنة على الزيارة الأبرز ، والحدث الأهم ، والملتقى الأفخم ، وكأنها أيام معدودات ، فسجّل قداسته بهذه الزيارة سابقتين الأولى بتاريخ العراق ، والثانية بتاريخ الكنيسة الكاثوليكية ،  ويقيناً أن هذه الزيارة ، مدت الجسور ، ووصلت المقطوع ، وأماطت اللثام عن حقيقة وحدة الشعوب ، وإن حرص المأزوم على اصطناع الحدود ، وإقامة الحصون ، وتشويه التنوع ، وتعميق اختلاف الرأي . وبالقطع أن ليس في لقاء الكبيرين غرابة ، ولا في احتضان الاتباع ظاهرة ، ولا في تضميد الجراحات إضافة ، لكن اللافت مرور الزيارة دون قطف الثمار وجني النتاج واستثمار وجود الكبار ، فكان الاستقبال حافل والتوديع مهيب ، والحضور مرآة الوحدة والتنوع ، لكن المردود غاب ، والمستخلص توارى ، والمقطوف مهدور ، كما كان المتوقع والمأمول ، فزيارة بعدت ، ولقاء طال انتظاره ، واجتماع شخصت اليه الإبصار ، لابد أن يكون ثماره نظر ، وقطافه يانع ، ونتاجه يسر المتأملين ، ويقيناً أن ليس في ذلك جديد ، فقد ضاعت على البلاد استثمارات ، وغُيبت فرص ، وأهدرت مردودات ، ويبدو أن القائم على أمر البلاد والعباد ، يُعد لاستثمار قادم الزيارات بعد قرون ، وفي أحسن الأحوال عقود ، وبالقطع أن الاستثمار للجيل خير من الاستثمار للقائم ، وفي ذلك سر بناء الوطن ، وملاحقة المستجد ، ومسايرة المتطور ، وللشعب رب يحميه .



Most Read

2024-09-23 11:22:41