فاتح عبدالسلام
القنصلية الروسية في البصرة تشكر طالبي التطوع من العراقيين للقتال الى جانب الجيش الروسي في غزو أوكرانيا وتقول انها لا تحتاج الى ذلك فجيشها كاف لكنها ترحب برفع صور الرئيس بوتين، كما شاهدنا في البصرة قريبا من صور رموز دينية ومرجعيات معتبرة.
كثيرون سمعوا هذا الخبر، وتوقّعوا ان يكون نكتة او تلفيقات العاطلين عن العمل في مواقع التواصل الاجتماعي أو كذبة نيسان وقد وُلدت قبل وقتها، لكي لا تتعارض شرعاً مع شهر رمضان الكريم.
لكن الخبر كان حقيقة، وانّ هناك تحشيداً اعلامياً واسعاً لدى المجاميع الموالية لإيران من اجل دعم روسيا التي يعرفونها جيدا وغير غريبة عليهم، فقد قاتلوا تحت تغطية قاصفاتها الثقيلة سوخوي وميغ في سوريا عدة سنوات. الحب والكراهية، من الحريات الشخصية، وعلينا تقبل كل الآراء في هذه الحرب التي تشنّها روسيا على أوكرانيا. ولكن موقف الفصائل المؤيد لروسيا يتجاهل حقيقة انّ الامريكان هم الذين غزوا العراق واحتلوه واجتثوا النظام السابق من أساسه ثم سلموه الى نظام جديد انبثقت تحت اجنحته الوارفة مليشيات وفصائل وحشد، ولم يكن لروسيا يوماً موقف مساعد في إزالة الحكم السابق وإقامة النظام البديل، إلا بموقف واحد عرضي هو السكوت في مجلس الامن وعدم استخدام الفيتو على قرار واشنطن احتلال العراق خارج الإرادة الدولية. بالرغم من انّ قرار الاحتلال لم يمر على التصويت في مجلس الامن.
يتساءل عراقيون آخرون، هل سيذهب متطوعو المليشيات لدعم روسيا تحت شعارات ورايات دينية خضراء وسوداء أم تحت الراية الحمراء المعدّلة؟ وهل سنسمع عن فتاوى وشيكة بشأن الاستشهاد على ضواحي كييف بين الدبابات الروسية؟ ويذهب آخرون للتساؤل باستغراب: لماذا لم تعلن ايران فتح باب التطوع لدعم حليفتها روسيا؟
العراق، بهذه التفاعلات المضطربة إزاء احداث وحروب إقليمية ودولية في السنوات الاخيرة، يسير بخطوات ثابتة وسريعة نحو المجهول، لكن لا ينبغي ان يُلام مَن يريد التطوع للقتال في روسيا وأوكرانيا ، وهو في بلد تتيح قوانينه ان يقاتل المواطن العراقي في اليمن أو سوريا أو لبنان أو أوكرانيا أو روسيا أو حتى جورجيا لاحقاً، من دون وجود نصوص قانونية دستورية تحرّم وتجرّم ذلك، كما هو موجود في الدول الأخرى التي تنتسب الى الأمم المتحدة، وليس الى مجرة مختلفة تماماً.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
fatihabdulsalam@hotmail.com
2024-09-23 11:26:52