Muristek
أعذنا اللهم من زبانية السوء – حسين الصدر
-1-
من الصعب للغاية أنْ يحظى الحاكم بسلامة قراراته واجراءاته ومساراته اذا كان محاطا بزبانية السوء ممن يُزيّن له كل قبيح ويصدّه عن المضي في الطريق الصحيح .
-2-
زبانية السوء ليسوا ممن يخشى الله أو يحسب حساب الآخرة ..!!
ويدفعهم حُبّ الملق الرخيص الى إبداء أفظع الآراء وأقساها بحق الآخرين، متى ما طلب منهم الحاكم ذلك ، وكأنهم لا يعرفون الرحمة والرفق ولا يختارون الاّ الغلظة والشدّة .
-3-
جاء في التاريخ :
ان امرآة توالي أهل البيت (ع) جِيءَ بها الى الحجّاج بن يوسف – الجلاّد المعروف – فأستشار بعض زبانِيَتهِ في أمرها فأشاروا عليه بقتلها فوراً ودون إبطاء، واقتنع الحجاج بما قالوه لا سيما وانهم قد زينوا له قَتْلَها وهو معروف بحبه لاراقة الدماء .
وهنا قالت له المرأة :
هلاّ كنتَ كصاحبك ؟
وهلاّ كان رجالك كرجاله ؟
فقال الحجاج :
وَيْلكِ ومَنْ تعنين بصاحبي ؟
فقالت :
فرعون ،
فانه لما استشار رجاله في أمر موسى وهارون :
( قالوا أَرْجِهِ وأخاه )
الشعراء / 36
اي أخّرْ أمر عقوبتهما ،
فاستجاب فرعون لهم ولم يقتلهما ، ورجالك يطلبون منك أنْ تعّجل بقتلي ، وتريد أنْ تفعل ذلك .
فما كان من الحجاج الاّ المبادرة الى اطلاق سراحها .
ورغم انني لا أميل الى تصديق أمثال هذه القصة لانّ الحجاج كان قد وصف نفسه بأنه حقود حسود ، والحقود الحسود لا يعفو عن مثل هذه المرآة الذي مرّغت كبرياءه بالوحل ، ودواعي الانتقام منها لا تتركه يطلق سراحها ويعفو عنها .
وأغلب الظن عندي انّ مثل هذه القصص موضوعة للدفاع عن الحجاج واضرابه من ولاة السوء الذين أراقوا الدماء البريئة وانتهكوا المحارم دون هوادة ,
ومما يعزر هذه القناعة أنَّ الخبر جاء خِلْوا من ذكر اسم هذه المرأة الشجاعة التي وبخت الحجاج على قراره الظالم بحقها، كما جاء خلواً من الاشارة الى المكان الذي وقعت فيه الحادثة ..
مع انّ الحادثة – على فرض صحتها – جديرة بالنقل والتداول .
-3-
ان من أهم مضار زبانية السوء هو تشجيعهم للحكّام على التنمر والتنكر للمبادئ والقيم، وحملهم على الاستخفاف بالحقوق والدماء والكرامات .
-4-
ان الطاغوت لا يُولدُ طاغوتاً وانما يكون طاغوتاً بتأثير زبانية السوء الذين يدفعون به الى الاستبداد والطغيان، ويتحول بالتدريج الى سفّاح جديد يضاف الى قائمة السفاحين في التاريخ .
Husseinalsadr2011@yahoo.com