فاتح عبدالسلام
حرب روسيا في أوكرانيا ستقف عند نقطة تعرفها موسكو جيدا، قد يكون سقوط العاصمة كييف علامة لملامح هذه الحرب وأهدافها على نحو دقيق، ولا أستبعد انّ العواصم الكبرى كانت تعرف هذه النقطة الجوهرية مُسبقاً وتريد تورط روسيا في حرب معد لها علناً، ليتم محاصرتها، ومن ثمّ مساومتها بعقوبات من كل جانب، بالرغم من انّ موسكو بيدها مفاتيح عقوبات ضد خصومها أيضاً.
ملفات دولية عدة تأثرت فوراً، وأخرى في طريقها للتأثر بما يجري في هذه الحرب من مواقف بين المتصارعين الروس والغربيين في مجال الحلبة الأوكرانية.
وكل ذلك سيدور في محور خرق السيادة للدول الأخرى، أو خرق مواثيق دولية أو تغيير شروط في مفاوضات. ولعل يقين دول في انّ الولايات المتحدة خرجت من مزاج الحروب نهائيا، هو الذي يشجع على تلك الاحتمالات.
في اليوم الثاني من حرب أوكرانيا، تغيرت لهجة إيران التي تقترب بالساعات من توقيع الاتفاق النووي، إذ قال رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي «لحسن الحظ، التخصيب نقوم به في البلاد وعند سقف أقصى هو 60 بالمئة، وهذا ما دفع الغرب الى التفاوض.
وربّما يقول بعد أيام، انّ إيران بلغت أو تكاد، نسبة التسعين بالمائة في التخصيب، حيث خط الشروع المؤهل لصناعة سلاح نووي. كلام جديد ينزل الى المعترك السياسي والتفاوضي بين إيران والولايات المتحدة في جنيف.
كما لا نعرف، حتى اللحظة، مصير العراق تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بعد إطفاء التعويضات المالية إثر غزو العراق في حقبة سابقة دولة ذات سيادة وجنّدت الولايات المتحدة جيوشا لها ولحلفائها في إعادة تلك السيادة، وإخضاع العراق لعقوبات، لا تزال آثارها راسخة في العظم العراقي، ثمّ شنّت أمريكا ذاتها حربا لاحتلال العراق بعد اثني عشرة سنة، برغم من انه بلد ذو سيادة، وطيّحت حظه.
قد لا تبدو العلائق بين الاحداث والمواقف واضحة، لكن في هذا العالم المتغير بالأيام، وربما بالساعات، المزيد من المفاجآت دائماً.
ملف إقليم كردستان في العراق هو واحد من الملفات التي يمكن النظر اليها في ضوء الغزو الروسي لدولة ذات سيادة، برغم من ان الموضوع ليس مطروحا على الطاولة الاقليمية، أو المحلية، لكن الدول ذات النفوذ الإقليمي ستراجع حتماً ما كان مؤجلا من قراراتها بحكم الحرج الدولي، وهنا نعلم انّ اية دولة لا تريد ان تحاصر بالعقوبات كتلك التي تنهال على روسيا، غير انه علينا ان نعلم أيضاً، انّ قرارات الحروب لا تلتفت الى رد الفعل الآني وتعول على نتائج تاريخية تنمو مع الزمن. وهي مقامرة في ابسط توصيف.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
fatihabdulsalam@hotmail.com
2024-09-23 13:22:27