مجلس أوربا يعلق عضوية روسيا
كييف-(أ ف ب) – موسكو- باريس لندن -الزمان
قرر مجلس أوروبا الجمعة «تعليق» أي مشاركة للدبلوماسيين والموفدين الروس في أبرز هيئات هذه المنظمة الأوروبية «بمفعول فوري» ردا على «الهجوم المسلح» على أوكرانيا. وأوضح المجلس في بيان أن هذا القرار لا يشمل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الذراع القانونية لمجلس أوروبا، التي ستواصل تقديم حمايتها للمواطنين الروس.
فيما ضّيقت القوات الروسية الخناق الجمعة على كييف مع معارك في العاصمة ومحيطها في اليوم الثاني من اجتياح أكد الجيش الأوكراني أنه سيبذل «أقصى جهوده» لصده، فيما دعاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى «تولي السلطة».
غداة إطلاق الرئيس الروسي هجوما واسعا ضد أوكرانيا أوقع عشرات القتلى وتسبب بنزوح أكثر من مئة ألف شخص، سجلت أولى المعارك في العاصمة. وقال بوتين مخاطبا الجيش الأوكراني في كلمة نقلها التلفزيون الروسي الجمعة «تولوا السلطة. يبدو لي أن من الأسهل التفاوض بيني وبينكم» مؤكدا أنه لا يحارب وحدات من الجيش الأوكراني، بل تشكيلات قومية تتصرف «كإرهابيين» وتستخدم المدنيين «دروعا بشرية».
ووعد الكرملين الجمعة بالرد بشكل «متكافىء أو غير متكافىء» على العقوبات التي فرضها الغرب. في هذا الوقت، اتفقت دول الاتحاد الأوروبي على تجميد أصول بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف في دول التكتل. ويتردد الغرب في اخراج روسيا من نظام سويفت خشية ان تتأثر امدادات الغاز. في حي سكني حيث أشار الجيش الأوكراني إلى وقوع معارك، شوهدت جثة مدني على رصيف، فيما كان مسعفون يقدمون المساعدة لشخص أخر علق في سيارة سحقتها مدرعة.
قال فيكتور بيرباخ (58 عاما) لوكالة فرانس برس إنه شاهد منذ الصباح من شرفته مرور آليات مدرعية وتبادلا للنيران بالاسلحة الرشاشة. أعلنت القوات الأوكرانية أنها تقاتل وحدات مدرعة روسية في بلدتين تقعان على بعد 40 و 80 كلم شمال كييف. كانت قوات روسية تقترب أيضا من العاصمة من الجهتين الشرقية والشمالية الشرقية بحسب الجيش الأوكراني. وأعلنت أوكرانيا الجمعة أنها سجّلت بيانات إشعاعية مقلقة من محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية التي استولت عليها القوات الروسية الخميس قبل يوم، فيما أكّدت موسكو أن الوضع تحت السيطرة. بعد فرار الكثير ن السكان الخميس، بدا وسط العاصمة كييف، التي تعد في الأوقات العادية ثلاثة ملايين نسمة والخاضعة حاليا لحظر تجول، مدينة أشباح. تمركز رجال مسلحون وانتشرت مدرعات على أبرز مفترقات الطرق القريبة من المباني الحكومية. كان المارة القليلون يتوقفون لتبادل الحديث حول آخر التطورات فيما كانت تسمع صفارات الانذار وانفجارات في المدينة. واتهم الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي روسيا باستهداف المدنيين. وقال في شريط مصور نشر عبر وسائل التواص الاجتماعي «هذه الليلة بدأوا قصف أحياء مدنية. هذا يذكرنا (بالهجوم النازي) في 1941» مستخدما اللغة الروسية للجملة الأخيرة ليتوجه إلى المواطنين الروس.
وأشاد زيلينسكي ببطولة الأوكرانيين في مواجهة الغزو الروسي مؤكدا أن جنود بلاده يبذلون «كل في ما وسعهم» للدفاع عن بلدهم. وأكد «ستضطر روسيا إلى التحدث إلينا عاجلا أم اجلا».
لا تعلن روسيا عن الضحايا في صفوف قواتها.ودعت وزارة الخارجية الأوكرانية المدنيين في كييف الى «الابلاغ عن تحركات العدو: اصنعوا قنابل مولوتوف، قوموا بتحييد المحتل!». ونقلت وكالات أنباء روسية الجمعة عن المتحدث باسم الكرملين قوله إن الرئيس الروسي مستعدّ لإرسال وفد إلى مينسك، عاصمة حليفته بيلاروس، لإجراء مفاوضات مع أوكرانيا حيث تشنّ قواته هجومًا. من جهته دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجيش الأوكراني الى القاء السلاح.وقال في موسكو «نحن مستعدّون لإجراء مفاوضات في أي وقت، ما إن تسمع القوات المسلحة الأوكرانية نداءنا وتلقي سلاحها». وأوضح أن هدف الغزو الروسي لأوكرانيا هو «تحرير» الأوكرانيين «من القمع»، ملمحًا إلى أن موسكو تنوي الإطاحة بالسلطة الأوكرانية الحالية.
ليلا، وفيما كان زيلنسكي يعلن التعبئة العامة، ذكرت مصادر عسكرية غربية أن الجيش الروسي يقترب من كييف حيث تم فرض حظر للتجول، بهدف «إسقاط رأس السلطة» الأوكرانية وتنصيب حكومة موالية لموسكو هناك. وأكد وزير الخارجية الروسي الجمعة أن روسيا تريد «تحرير الأوكرانيين من القمع». واعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الرد الأوروبي على الغزو الروسي «بطيئًا جدًا» وطالب بوضع كل تدابير الردّ «على الطاولة» داعيا الأوروبيين المتمرسين بالقتال للمشاركة في المعركة إلى جانب الأوكرانيين. ووعد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الرئيس الأوكراني خلال مكالمة هاتفية صباح الجمعة بتعزيز الدعم البريطاني لأوكرانيا، بعد استهداف روسيا العاصمة كييف. واتّهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، بعدم اتخاذ «خطوة حازمة» في مواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأعرب الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي عن تأييده لحلّ النزاع في أوكرانيا عبر المسار الدبلوماسي.
وأفاد التلفزيون الرسمي الصيني أن الصين «تدعم روسيا في حل (النزاع) عبر المفاوضات مع اوكرانيا».
أكد حلف شمال الأطلسي الذي يجتمع قادته عبر الفيديو الجمعة، أنه لن يرسل قوات الى أوكرانيا.في المقابل حذر الرئيس الأميركي جو بايدن من أنه لن يتخلى عن «أي شبر من أراضي حلف شمال الاطلسي» فيما سيرسل البنتاغون حوالى سبعة آلاف جندي إضافي الى ألمانيا. وصرح وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الجمعة بان «الحرب شاملة». وقال «الرئيس بوتين اختار (…) إخراج أوكرانيا من خارطة الدول»، مؤكدا أن «سلامة الرئيس زيلينسكي تشكل هي عنصر مركزي في ما يحصل (…) نحن قادرون على مساعدته إذا لزم الأمر».
في الوقت الراهن يركز المعسكر الغربي على تشديد العقوبات على روسيا عبر تضييق وصول مؤسساتها الرئيسية الى الأسواق المالية العالمية او حصولها على التكنولوجيا.واتفقت دول الاتحاد الأوروبي بالإجماع الجمعة على تجميد أصول الرئيس الروسي ووزير خارجيته سيرغي لافروف في دول التكتل على ما أفادت مصادر أوروبية لوكالة فرانس برس.
وطُرح الإجراء خلال قمة أوربية استثنائية الخميس في بروكسل وأضيفت الجمعة إلى حزمة عقوبات سيفعَلها وزراء الخارجية على ما أوضحت المصادر نفسها.
واعلن وزير المال الفرنسي برونو لومير الجمعة ان بلاده تؤيد استبعاد روسيا من نظام سويفت للتحويلات المالية بهدف معاقبتها على غزو اوكرانيا.
واتفق رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون وحلفاؤه في دول أوروبا الشمالية على ضرورة فرض «عقوبات إضافية» على موسكو بعد غزوها أوكرانيا، تستهدف خصوصا «الأوساط المقربة» من الرئيس الروسي، على ما ذكرت رئاسة الحكومة البريطانية.
وعد جو بايدن بجعل بوتين «منبوذا على الساحة الدولية» فيما تعهدت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين جعل «القادة الروس يواجهون عزلة غير مسبوقة».
ودعا الرئيس الأوكراني الأوروبيين الى الذهاب أبعد من ذلك.
وسأل زيلينسكي في تصريح جديد، «كيف ستدافعون عن أنفسكم إذا كنت بطيئين إلى هذه الحدّ في مساعدة أوكرانيا؟». وأضاف «إلغاء التأشيرات للروس؟ قطع روابط (روسيا بنظام التعاملات المصرفية العالمي) سويفت؟ عزل كامل لروسيا؟ استدعاء سفراء؟ حظر على النفط؟ اليوم، كل شيء يجب أن يكون على الطاولة لأن هذا تهديد لنا جميعًا، لأوروبا بأسرها».
وبعد ارتفاع كبير الخميس، بقيت أسعار المواد الأولية مرتفعة جدا حيث بلغ سعر برميل نفط برنت فوق المئة دولار رغم ان برميل غرب تكساس الوسيط عاد الى قرابة 95 دولارا.
وروسيا وأوكرانيا دولتان أساسيتان لتوريد النفط والغاز والقمح ومواد خام أساسية أخرى.
وتحسنت الأسواق المالية العالمية الكبرى بعد تدهورها الخميس رغم استمرار حالة عدم اليقين.
- تدفق لاجئين -
عند حدود أوكرانيا مع الاتحاد الأوروبي لا سيما بولندا والمجر ورومانيا، تدفق اللاجئون بالمئات. فر حوالى مئة ألف شخص من منازلهم في أوكرانيا وغادر آلاف الأشخاص البلاد بحسب مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين.
كان كريستيان زافلا (28 عاما) الذي قدم من غرب أوكرانيا من أوائل الأشخاص الذين عبروا الحدود المجرية. وقال هذا الرجل الذي غادر مع زوجته وطفله «لا نريد عيش ما عاشه أصدقاؤنا ومواطنونا في شرق البلاد، أن نستيقظ على أصوات صفارات الإنذار مع كل قصف روسي».
سيجتمع وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي في نهاية الاسبوع للبحث في «الأثر الانساني والأمني» للأزمة و»اجراءات رد» بحسب مسؤول فرنسي.
بدأ الهجوم الروسي فجر الخميس بعد اعتراف بوتين الاثنين باستقلال أراض انفصالية في منطقة دونباس. وقال بوتين عبر التلفزيون معلنا عن العملية «اتخذت قرارًا بشن عملية عسكرية خاصة» بهدف «نزع السلاح واجتثاث النازية من أوكرانيا»، مؤكدا أن «خططنا لا تتضمن احتلالا للأراضي الأوكرانية».
ولتبرير هذا التدخل كرر اتهاماته غير المدعومة بأدلة، بشأن وقوع «إبادة جماعية» دبّرتها كييف في «الجمهوريتين» المتمردتين المواليتين لروسيا، مشيرا إلى دعوة أطلقها الانفصاليون للحصول على مساعدة. كذلك دان السياسة «العدوانية» للحلف الأطلسي.
في موسكو، نظمت مسيرات مناهضة للحرب في وسط العاصمة وكذلك في سان بطرسبرغ. ونددت الأمم المتحدة الجمعة بتوقيف أكثر من 1800 متظاهر في روسيا داعية إلى الافراج عمن لا يزالون موقوفين منهم.
وطلبت الولايات المتحدة وألبانيا تصويتا في مجلس الأمن الدولي مساء الجمعة على مشروع قرار يدين اجتياح أوكرانيا ويطلب من روسيا سحب قواتها فورا.
ويأتي الهجوم الروسي بعد ثماني سنوات على ضم موسكو شبه جزيرة القرم ورعايتها لاستيلاء الانفصاليين الموالين لروسيا على أجزاء من المناطق في دونباس ما سبب حربا أودت بحياة أكثر من 14 ألف شخص في المنطقة.
2024-09-23 13:25:42