Breaking News >> News >> Azzaman


الدراما السورية تكافح وسط الأزمات لتلحق بموسم المسلسلات


Link [2022-02-26 11:17:56]



دمشق‭ (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬تسابق‭ ‬عدسة‭ ‬المخرج‭ ‬السوري‭ ‬الشاب‭ ‬باسم‭ ‬سلكا‭ ‬عقارب‭ ‬الساعة‭ ‬كي‭ ‬يستطيع‭ ‬إنهاء‭ ‬مسلسله‭ ‬في‭ ‬أوانه‭ ‬قبل‭ ‬حلول‭ ‬الموسم‭ ‬الرمضاني‭ ‬السنوي‭ ‬بعد‭ ‬نحو‭ ‬شهرين،‭ ‬وسط‭ ‬ظروف‭ ‬معيشية‭ ‬تنعكس‭ ‬صعوبات‭ ‬جمة‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬الدراما‭ ‬في‭ ‬بلاده‭ ‬التي‭ ‬مزّقتها‭ ‬إحدى‭ ‬عشر‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬الحرب‭.‬

في‭ ‬منزل‭ ‬وسط‭ ‬دمشق،‭ ‬يُعطي‭ ‬المخرج‭ ‬إشارة‭ ‬بدء‭ ‬مشهد‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬مسلسل‭ “‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحب‭”‬،‭ ‬بعد‭ ‬تحضير‭ ‬استمرّ‭ ‬نصف‭ ‬ساعة‭ ‬تقريباً‭. ‬ثم‭ ‬يقول‭ ‬بينما‭ ‬يراقبُ‭ ‬من‭ ‬غرفة‭ ‬أخرى‭ ‬مجريات‭ ‬التصوير‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شاشة،‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس،‭ “‬أغلب‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬نعاني‭ ‬منها‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬يُعاني‭ ‬منها‭ ‬كلّ‭ ‬الناس،‭ ‬مثل‭ ‬نقص‭ ‬الكهرباء‭ ‬والمحروقات‭ ‬التي‭ ‬تشغّل‭ ‬المولدات‭”.‬يطلب‭ ‬سلكا‭ ‬من‭ ‬فريق‭ ‬العمل‭ ‬تفقّد‭ ‬المولد‭ ‬الكهربائي‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬وُضع‭ ‬قرب‭ ‬موقع‭ ‬التصوير،‭ ‬وقربه‭ ‬عبوات‭ ‬مازوت‭ ‬بلاستيكية‭ ‬يتم‭ ‬تعبئة‭ ‬محتواها‭ ‬في‭ ‬المولد‭ ‬تباعا،‭ ‬فيما‭ ‬لا‭ ‬تهدأ‭ ‬حركة‭ ‬الفنيين‭ ‬والممثلين‭ ‬لإنجاز‭ ‬المشاهد‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تباطؤ‭. ‬

ويضيف‭ ‬سلكا‭ “‬ليست‭ ‬الصعوبات‭ ‬اللوجستية‭ ‬ما‭ ‬نواجهه‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬فقدنا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأيدي‭ ‬الخبيرة‭ ‬والممثلين‭ ‬المحترفين‭ ‬الذين‭ ‬سافروا‭ ‬تدريجاً‭ ‬خلال‭ ‬سنين‭ ‬الحرب‭”. ‬وهاجر‭ ‬عشرات‭ ‬الممثلين‭ ‬والفنانين‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬حقلي‭ ‬الدراما‭ ‬التلفزيونية‭ ‬والسينما‭ ‬سوريا‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬النزاع‭ ‬عام‭ ‬2011،‭ ‬وازدادت‭ ‬أعدادهم‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬لاحقة،‭ ‬إما‭ ‬هرباً‭ ‬من‭ ‬ملاحقة‭ ‬أمنية‭ ‬بالنسبة‭ ‬للممثلين‭ ‬المعارضين،‭ ‬وإما‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬ظروف‭ ‬معيشية‭ ‬أفضل‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬الجوار‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭.‬

ورغم‭ ‬تراجع‭ ‬وتيرة‭ ‬المعارك‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬حيث‭ ‬تسبب‭ ‬النزاع‭ ‬بمقتل‭ ‬نحو‭ ‬نصف‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬وهجّر‭ ‬الملايين‭ ‬ودمّر‭ ‬البنى‭ ‬التحتية،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬ظروف‭ ‬اقتصادية‭ ‬ومعيشية‭ ‬صعبة،‭ ‬مع‭ ‬تواصل‭ ‬انخفاض‭ ‬قيمة‭ ‬العملة‭ ‬المحلية‭.‬

وباتت‭ ‬غالبية‭ ‬السوريين‭ ‬تحت‭ ‬خط‭ ‬الفقر،‭ ‬وتفاقمت‭ ‬أزمات‭ ‬الكهرباء‭ ‬والمحروقات‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الماضية،‭ ‬مع‭ ‬وصول‭ ‬ساعات‭ ‬التقنين‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬عشرين‭ ‬ساعة‭ ‬يومياً‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المناطق،‭ ‬بعدما‭ ‬استنزفت‭ ‬سنوات‭ ‬الحرب‭ ‬قطاعي‭ ‬الطاقة‭ ‬والكهرباء‭ ‬مع‭ ‬خروج‭ ‬أبرز‭ ‬حقول‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬عن‭ ‬سيطرة‭ ‬الحكومة‭ ‬السورية‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وتضرّر‭ ‬محطات‭ ‬التوليد‭ ‬في‭ ‬المعارك‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭.‬

في‭ ‬مشهد‭ ‬لاحق،‭ ‬يجتمع‭ ‬الممثل‭ ‬دريد‭ ‬لحام‭ ‬وصديقه‭ ‬أسامة‭ ‬الروماني‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬نجوم‭ ‬آخرين‭ ‬مثل‭ ‬سلوم‭ ‬حداد‭ ‬وصباح‭ ‬الجزائري‭ ‬ونادين‭ ‬خوري‭ ‬ووفاء‭ ‬موصللي‭.‬يجلس‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬غرفة،‭ ‬ويراجع‭ ‬كلّ‭ ‬منهم‭ ‬مشهده‭. ‬وتقول‭ ‬الممثلة‭ ‬وفاء‭ ‬موصللي‭ ‬بعد‭ ‬تنهيدة‭ ‬عميقة‭ “‬هذه‭ ‬أصعب‭ ‬مرحلة‭ ‬تمرّ‭ ‬على‭ ‬الدراما‭ ‬السورية‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسها‭ (..) ‬خسرنا‭ ‬الكثير‭ ‬خلال‭ ‬الحرب،‭ ‬ونخسر‭ ‬الكثير‭ ‬الآن‭ ‬جراء‭ ‬تداعياتها‭”.‬

قبل‭ ‬بدء‭ ‬مشهد‭ ‬جديد،‭ ‬تستأذن‭ ‬موصللي‭ ‬للحظة،‭ ‬وتتصل‭ ‬بمنزلها‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬جميع‭ ‬البطاريات‭ ‬على‭ ‬أجهزة‭ ‬الشحن‭ ‬عند‭ ‬عودة‭ ‬التيار‭ ‬الكهربائي‭. ‬تقول‭ ‬إنها‭ ‬تشعر‭ “‬بمشاعر‭ ‬متناقضة‭” ‬حين‭ ‬تُعرض‭ ‬عليها‭ ‬نصوص‭ ‬درامية‭. ‬وتسأل‭ ‬بحيرة‭ “‬لا‭ ‬نعلم‭ ‬ماذا‭ ‬نقدّم‭ ‬للمُشاهد،‭ ‬هل‭ ‬نقدّم‭ ‬له‭ ‬الواقع‭ ‬التراجيدي؟‭ ‬أم‭ ‬الكوميديا‭ ‬المضحكة؟‭ ‬هل‭ ‬يستطيع‭ ‬المُشاهد‭ ‬أن‭ ‬يضحك‭ ‬أصلاً‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف؟‭”. ‬

ويتفق‭ ‬الممثل‭ ‬جلال‭ ‬شموط‭ ‬مع‭ ‬زميلته‭ ‬وفاء‭ ‬موصللي‭ ‬بأن‭ “‬كبوة‭ ‬الدراما‭ ‬السورية‭ ‬الحالية‭ ‬هي‭ ‬الأقسى‭”. ‬ويعزو‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬الوضع‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬أرخى‭ ‬بظلاله‭ ‬على‭ “‬مفاصل‭ ‬الحياة‭ ‬والدراما‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬واحد‭”. ‬ويقول‭ “‬نحن‭ ‬جزء‭ ‬لا‭ ‬ينفصل‭ ‬عن‭ ‬التركيبة‭ ‬العامة،‭ ‬من‭ ‬الاقتصاد‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭ ‬والسياسة‭ ‬وكلّ‭ ‬شيء‭”.‬

ويضيف‭ “‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬نمرّ‭ ‬بها‭ ‬هي‭ ‬الأصعب‭ ‬برأيي،‭ ‬لكن‭ ‬الكبوة‭ ‬الحالية‭ ‬مرتبطة‭ ‬تماماً‭ ‬بالوضع‭ ‬الاقتصادي‭”. ‬وحققت‭ ‬الدراما‭ ‬السورية‭ ‬قفزات‭ ‬نوعية‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬الحرب‭ ‬مباشرة،‭ ‬وساهمت‭ ‬بانتشار‭ ‬اللهجة‭ ‬السورية‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬بعد‭ ‬استخدامها‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬دبلجة‭ ‬المسلسلات‭ ‬التركية‭ ‬منذ‭ ‬عقد‭ ‬ونصف‭ ‬عقد‭.‬

واحتلت‭ ‬المسلسلات‭ ‬السورية‭ ‬مساحة‭ ‬مركزية‭ ‬في‭ ‬مواسم‭ ‬رمضان‭ ‬المتعاقبة‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬القنوات‭ ‬العربية‭.     ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬عصفت‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬أثّرت‭ ‬عليها‭ ‬سلبا‭ ‬كمّا‭ ‬ونوعاً،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬بعد‭ ‬مقاطعة‭ ‬شركات‭ ‬إنتاج‭ ‬عربية‭ ‬لشركات‭ ‬الإنتاج‭ ‬السورية‭ ‬الرسمية،‭ ‬وهجرة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الممثلين‭ ‬والفنيين‭.‬

‭ “‬استديو‭ ‬طبيعي‭”‬

وخلال‭ ‬سنوات‭ ‬الحرب،‭ ‬عمد‭ ‬مخرجون‭ ‬ومنتجون‭ ‬الى‭ ‬تصوير‭ ‬أعمال‭ ‬فنية‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬مجاورة‭ “‬أكثرَ‭ ‬أماناً‭ ‬،‭ ‬وإن‭ ‬عاد‭ ‬بعضهم‭ ‬للتصوير‭ ‬داخل‭ ‬سوريا،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الخيارات‭ ‬الجغرافية‭ ‬المُتاحة‭ ‬باتت‭ ‬أقل‭.‬

وتقول‭ ‬كاتبة‭ ‬السيناريو‭ ‬ومديرة‭ ‬شركة‭ “‬إيمار‭ ‬الشام‭” ‬للإنتاج‭ ‬ديانا‭ ‬جبّور‭ “‬تمتعت‭ ‬سوريا‭ ‬بميزات‭ ‬جغرافية‭ ‬كثيرة‭ ‬قبل‭ ‬الحرب،‭ ‬جعلت‭ ‬منها‭ ‬استديو‭ ‬طبيعياً‭ ‬كبيراً‭ (..) ‬لدينا‭ ‬الغابة‭ ‬والبحر‭ ‬والجبل‭ ‬والصحراء‭ ‬وأي‭ ‬بيئة‭ ‬يحتاجها‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬درامي‭”.‬

وتضيف‭ “‬فقدنا‭ ‬التنوع‭ ‬الجغرافي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬متاحاً‭ ‬أمام‭ ‬الدراما‭ ‬السورية‭ ‬بسبب‭ ‬الدمار‭ ‬الذي‭ ‬أصاب‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المناطق‭”.‬وتروي‭ ‬جبور‭ ‬حكايات‭ ‬عن‭ ‬ممثلين‭ ‬وفنانين‭ ‬أصيبوا‭ ‬خلال‭ ‬سنوات‭ ‬الحرب،‭ ‬وعن‭ “‬الخوف‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يرافق‭ ‬أي‭ ‬عملية‭ ‬تصوير‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬معارك‭ ‬واشتباكات‭”. ‬وتضيف‭ “‬ما‭ ‬يُصيب‭ ‬الدراما‭ ‬السورية‭ ‬هو‭ ‬ذاته‭ ‬ما‭ ‬يصيب‭ ‬أي‭ ‬مواطن‭ ‬سوري‭”.‬

في‭ ‬غرفة‭ ‬خلفية‭ ‬مزدحمة‭ ‬بالملابس‭ ‬ومساحيق‭ ‬التجميل،‭ ‬يجمع‭ ‬مصمم‭ ‬المكياج‭ ‬أحمد‭ ‬حيدر‭ ‬أدوات‭ ‬التجميل‭ ‬المبعثرة‭ ‬ويحرصُ‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬كلّ‭ ‬منها‭ ‬الى‭ ‬علبته‭ ‬الخاصة‭. ‬ويُشرف‭ ‬على‭ ‬حلة‭ ‬جميع‭ ‬الممثلين‭ ‬قبل‭ ‬الدخول‭ ‬إلى‭ ‬مشاهدهم‭. ‬ويقول‭ ‬حيدر‭ “‬نضطرّ‭ ‬أحياناً‭ ‬لتعديل‭ ‬نوعية‭ ‬المكياج‭ ‬لصعوبة‭ ‬استيراد‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬نريدها‭”.‬

ويؤكّد‭ ‬حيدر‭ ‬أن‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬لمساحيق‭ ‬التجميل‭ ‬ليست‭ “‬رفاهية‭ ‬كمالية‭” ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الدرامي،‭ ‬مُضيفا‭ “‬نضطرّ‭ ‬أحياناً‭ ‬لتأجيل‭ ‬التصوير‭ ‬ريثما‭ ‬تصل‭ ‬المواد‭ ‬المطلوبة‭ (..). ‬الكاميرات‭ ‬الحالية‭ ‬عالية‭ ‬الدقة‭ ‬ولا‭ ‬يُمكن‭ ‬التساهل‭ ‬في‭ ‬احترام‭ ‬عقل‭ ‬المشاهد‭”.‬



Most Read

2024-09-23 13:36:12