Breaking News >> News >> Azzaman


القيادة الرشيدة والأداء الحكومي – لبنان هاتف الشامي


Link [2022-02-20 02:12:52]



القيادة الرشيدة والأداء الحكومي – لبنان هاتف الشامي

ان القيادة الرشيدة في النظام السياسي والاداري هي واحدة من مجالات الحكم الصالح، وهو مفهوم كثر استعماله مؤخراً بحيث اصبح عنواناً للسياسات في العديد من الدول، ومن الملفت ان ينصب اهتمام جميع المنظمات الدولية والاقليمية والوطنية على هذا الموضوع بوقت واحد بحيث تعتبر مبادئ الحكم الصالح اساسية للتقدم والنمو والتطور في الدول.

اداء حكومي

من هذا المنطلق باتت آليات القيادة الرشيدة وتطبيقاتها في الادارة والاداء الحكومي من اكثر الميادين والاشكاليات العلمية والبحثية نمواً واهمية. وإن الاشكالية هنا هي فكرة قصدية هادفة تسعى الى تشخيص واحدة من احدث المداخل المعاصرة في تطوير واثراء حقل الادارة العامة على مستوى الافكار والممارسات الا وهي تطبيقات ومبادئ القيادة الرشيدة، وذلك في سبيل بيان الدور او الكيفية التي يتم من خلالها قيام هذا النوع من الادارة في دعم وتعزيز وتقوية آليات القيادة الرشيدة في العراق.

وتعددت مفاهيم القيادة الرشيدة بتعدد اراء الكتاب والباحثين الذين تناولوا ذلك المفهوم، إذ عرفت بأنها ((التأثير الفعال على أنشطة العاملين في المؤسسة، وكذلك توجيههم نحو تحقيق الاهداف التي تطمح اليها المؤسسة، ويتمثل هذا التأثير في: حث الموظفين على الابتكار والابداع لتحقيق الاهداف المرجوة، وتشجيعهم على التفكير المستقل، وحل خلافاتهم ومنازعاتهم، وتفويض الصلاحيات، وتوزيع المسؤوليات على اولئك الموظفين قدر سلطاتهم، ومحاسبتهم على النتائج

وتتمثل اهمية القيادة الرشيدة وضرورة وجودها على النحو الاتي:

1- اهميتها تكمن في انها حلقة الوصل المتمثلة بالقوة التي تتدفق لتوجيه الطاقات بأسلوب متناسق يضمن سير العاملين بين خطط المؤسسة وتصوراتها المستقبلية.

2- الاداة التي تستطيع المؤسسة من خلالها بلورة كافة المفاهيم والاستراتيجيات والخطط والسياسات والبرامج والمشروعات.

3- القوة الايجابية في المؤسسة التي تواجه السلبيات والازمات بشجاعة وجرأة.

4- الاداة المصممة للسيطرة على مشكلات العمل ومعالجتها، وحسم الخلافات والصراعات في المؤسسة، والاختيار من بين الاراء للوصول الى الرأي السديد.

5- الوسيلة المربحة في تطوير وتدريب الافراد بوصفهم اهم مورد معرفي موجود داخل المؤسسة.

6- الواجهة القيمة للتأقلم مع المتغيرات الخارجية الكثيرة المحيطة، وتوظيفها والتكيف معها لخدمة أهداف المؤسسة.

وقد أفضى التصور المتعلق بالمكونات الاساسية للقيادة والادارة الرشيدة في داخل النظام والمجتمع الى فهم وادراك جملة من الابعاد والعناصر الاساسية للقيادة الرشيدة، ومن اهمها:

1- المشاركة: شريطة ان تكون هذه المشاركة منظمة وواقعية وفعالة، وهذا ما يتطلب قدراً كافياً من حرية الرأي والتعبير وتكوين المؤسسات وتنظيم المجتمع المدني.

2- سيادة القانون: ان القيادة الرشيدة تتطلب أطراً قانونية عادلة يتم تطبيقها دونما تحيز، وان تطبيق القوانين بدون تحيز يتطلب جهازاً قضائياً مستقلاً، وكذلك اجهزة امن خالية من الفساد وغير منحازة لفئة من فئات المجتمع دون أخرى.

3- الشفافية: إن الشفافية تعني في شكلها العام ان القرارات التي يتم اتخاذها في المجتمع وكذلك عملية تنفيذ هذه القرارات، تتم وفقاً للقوانين واللوائح، كما تعنى الشفافية ايضاً ضرورة توفر المعلومات بحرية للجميع.

4- الاستجابة: ان للقيادة الرشيدة تتطلب ان تقوم جميع المؤسسات ذات العلاقة بخدمة اصحاب المصالح المرتبطين بها ضمن اطار زمني معقول. 5- التوافق: بحيث يسعى الجميع الى تحقيق اهداف المجتمع وتغليبها قدر الامكان على اهدافهم ومصالحهم الخاصة.

تصفية حسابات

6- العدالة والمساواة: ان تقدم اي مجتمع انما يعتمد على مدى شعور افراده بأن لهم نصيبهم في ذلك المجتمع، وانهم غير مستثنين منه تحت مختلف التصنيفات التي غالباً ما تكون مفتعلة وغير منطقية وترمي الى تصفية حسابات خاصة بين مختلف الاطراف.

7- الكفاءة والكفاية: ان الادارة الرشيدة تكون حاضرة عندما تحقق المؤسسات نتائجها المرجوة منها (تحقيق الكفاءة)، مع الاستخدام الامثل للموارد المتاحة لتلك المؤسسات (تحقيق الكفاية)، مع مراعاة اخذ القضايا الاجتماعية بعين الاعتبار.

وتتمتع القيادة الرشيدة بعدة خصائص، اهمها:

1- وجود أسس لتمثيل سليم للاوضاع الاثنية والثقافية والاقليمية داخل المجتمع، وكذلك وجود آليات فعالة لفض النزاعات وحالات عدم الاتفاق، وكذلك التبادل السلمي للسلطة ومنع الاستئثار بها عند جميع مراحل الهيكلية الادارية.

2- وجود أسس لضبط تصرفات الجهاز الاداري التنفيذي، ووجود جهاز تشريعي فعال وكذلك خطوط واضحة لمسار عملية المساءلة.

3- وجود نظام سياسي منفتح يسمح لكافة شرائح المجتمع ان تعبر عن آرائها بحرية في ظل سيادة تامة للقوانين السارية.

4- وجود أسس قانونية عادلة لتطبيق القوانين الجنائية والمدنية، بما يحفظ للجميع الحقوق المدنية والسياسية والسلامة الشخصية لأفراد المجتمع، وبما يعمل على توفير تنمية اقتصادية واجتماعية تتماشى وروح العصر.

5- وجود نظام خدمة عامة يتميز بالكفاءة والمقدرة والامانة، مبنياً على مبدأ الجدارة.

6- المقدرة على القيام بالتخطيط المالي الجيد لأمور المجتمع، وادارة اقتصاده وضبط نفقاته، والتقييم السليم لاداء وحدات القطاع العام.

7- اعطاء قدرٍ متوازن من الاهتمام ليس لوحدات الجهاز الاداري المركزية فقط، بل ايضاً لخصائص وقدرات وحدات الادارة المحلية اللامركزية.

من خلال ما تقدم نلخص ما يلي :

1- الاستقرار السياسي هو حجر الاساس في العراق، لذا لابد من التوجه نحو الحوار ومعالجة المشاكل السياسية الداخلية العالقة التي تعصف بالبلاد من خلال القنوات الدستورية والقانونية وتوحيد المواقف من كل الفرقاء السياسيين تجاه القضايا العامة ونبذ العنف والطائفية ومحاربة الارهاب وبناء علاقات سياسية واقتصادية خارجية مبنية على أساس مصالح مشتركة لمنع التدخل بالشؤون الداخلية.

2- تعد القيادة والادارة الرشيدة ضرورة من ضرورات الاصلاح الشامل، فضلاً عن اهميتها في تجاوز الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة حالياً، مع الاخذ بنظر الاعتبار خصوصية العراق وزيادة المشاركة الشعبية والوعي تجاه تلك المبادئ.

3- تطوير وتحسين ممارسات وتطبيقات القيادة الرشيدة بأبعادها ومبادئها ومعاييرها في جميع مفاصل العمل الحكومي وفي جميع قطاعاته ودعم ذلك من خلال بناء منظومة تشريعية وقانونية وهيكلية وادارية ومالية واقتصادية وثقافية واجتماعية مناسبة لها.

4- ضرورة اصلاح وتطوير منظومة الادارة العامة والاداء الحكومي للبلد من خلال التركيز على قيادة وادارة رشيدة للدولة بمبادئها ومراحلها وعملياتها وتبويباتها من منظور استراتيجي.

5- وضع رؤية واضحة من قبل القيادة الرشيدة للإداء الحكومي للسياسات العامة تأخذ في الاعتبار كافة العوامل الداخلية والخارجية .

6- جعل الاتصالات مفتوحة بين الموظفين والقيادات الادارية.

7- تأمين استمرارية عملية بناء قدرات القيادات الرشيدة من خلال مراكز التدريب والخبرة.

{ رئيس الجمعية العراقية للسياسات العامة والتنمية البشرية



Most Read

2024-09-23 15:16:35