Breaking News >> News >> Azzaman


قبائل العصور الوسطى – عبد الكريم يحيى الزيباري


Link [2022-02-20 02:12:52]



قبائل العصور الوسطى – عبد الكريم يحيى الزيباري

حيث كان الضحك محظوراً! وفي رواية “اسم الوردة”، مسموماً: كِتَاب أرسطو “الملهاة”. ونجد في العصور الوسطى ذكوراً يجسدون التاريخ، ملوكاً ووزراءً ورجالَ دين وقادة جيوش وأبطالاً، لا يُسمَحُ بأنْ يكونوا محلاً للسخرية! وكان الضحك جريمة يعاقب عليها القانون الكَنَسي، (ويتنافى مع السلوك البشري والآداب العامة، تهاون القديس كولمبانوس ففرضَ الصيام كَفَّارةً عن كل ضحكة) باختين، أعمال رابليه والثقافة الشعبية، فص1 تاريخ الضحك، ص87. ونكرر صرخة المتنبي “يا أُمَّةً ضحكت من فسادها الأُمَمُ”! ولا يُفسِدُ إلا جاهل!

كتبَ أنور الياسين، مجلة العربي، العدد 425 ، نيسان1994 ، ص 210 (زعيم عربي غريب، وما أكثرهم، صرح بأنه يجب ألا نضحك على النكتة، ويجب اعتقال قائلها وتعريضه للعقاب والتعذيب حتى يعترف على قائلها… ولا أحدَ يدعي شرف تأليف نكتة، كل النكت منقولة وخلفها عبقري مجهول… تكون أسلوبا للتطهر والتسامي والبحث عن الجانب “الكوميدي ” في المأساة… ولعل هذا أبرز ما يحدث في الكويت الآن، فهم يتذكرون الجانب المضحك من مأساة الاحتلال. لقد لبثت أوربا وأمريكا أكثر من عشرين عاما كي تكتشف الجانب الكوميدي من الحرب العالمية الثانية… ولكن الكويتيين يتبادلون الطرائف والنكات حول الغزو، وصلوا إلى هذا التغيير سريعا). ولم يُصرِّح باسم القائد العربي، ربما كان ذو المئة لقب وقلادة المئة اسم، أو القذافي مُهرِّج القِمَم! ومنذ تأسيس الدولة العراقية، يُعدَم كلُّ من يسخر من القائد العام للقوات المُسلَّحة أو رجل دين حي.

قصة ساخرة

وما زلنا إذا ضَحِكَ أحَدُنَا، أو كَتَبَ شِعْراً في الغَزَل أو قصة قصيرة ساخرة، لنْ يُحرمَ مناضلاً وطنيَّاً يُوبِّخه: كيف تكتبُ هذا وأنتَ ترى حالنا؟ أهذا وقتُ التهريج؟ أ تضحك وأطفالنا يموتون برداً في مخيمات النَّازحين؟ ويتجاهل فشل الدولة في إعادتهم منذ 2017 أو تأمين خيم ووقود تدفئة، وينكر أنَّهم تحت رحمة منظمات الأمم المتحدة وصدقات أوربا… أ تضحك وجسورنا ومستشفياتنا مُهَدَّمة منذ 2017 تنتظر قرض البنك الدولي وموازنتها أكثر من مئة مليار دولار بسعر برميل النفط أربعين، وهو في الأسواق تسعين؟

كأنَّنا نعيش العصور الوسطى! الملك ورجلُ الدين يبيعان المناصب لمن يدفع الثَّمَن، فإذا ظهر بعد فترةٍ مَنْ يدفع أكثر لمقاطعة أو دوقيَّة غنيَّة، عزلوا القديم ومنحوا الكرسي للوالي الجديد، والذي لكي يقوم بجمع ما دفعه للكنيسة وللملك، يقوم بفرض ضرائب جديدة، حتى يفتقر الناس ويعانون الخوف والجوع والحرمان، لتشبع كروش رجال الدين وحاشية الملك! يقوم بنصب نقاط تفتيش جديدة واللجوء إلى كل الوسائل من سلب ونهب وعقود وهمية أو شبه وهمية، باستئجار عقارات أو عقود مع منشآت خاصة أو دولية، بنصف ثمن الخدمة المقضيَّة! وبقية المبالغ يتم توزيعها عمولات من الوزير نزولاً إلى المدير العام إلى مدير القسم إلى مسؤول الشعبة! يتنافسون في ملء كروشهم، وإفساد عائلاتهم بمالٍ سُحتٍ حرام.

كأنَّنا نعيش العصور الوسطى! حيث ينقسم الشعب ثلاث طبقات، طبقة أولى أصحاب القرار وعائلاتهم المترفة، وطبقة ثانية حراسهم وَحَمَلة السلاح والموظفين المرتشين، والطبقتين لا تشكلان أكثر من عشرة بالمئة من الطبقة الثالثة المسحوقة، عموم الشعب الذي يعاني الخوف والفقر والذل والقهر، وبين فترةٍ وأخرى تندلع حربٌ داخلية أو خارجية، بسبب مصالح غبية وحمقاء، فمن أجل أنْ يبني أحد نبلاء قصر فرساي، والذي لا يدري في أيَّة غرفة تبيت زوجته وبناته، قصراً منيفاً ينافس فيه الدوق الماركيز المجاور له، يقتل العشرات وربما مئات الأبرياء!



Most Read

2024-09-23 15:14:22