١-أُمزوحةُ البطّةِ التائهة
جاءكِ (الحَومُ) فطيري
يا فِراخاً في الغديرِ.
أُمُّكِ البطّةُ دارت
واستدارت
وتوارت
في انحداراتِ الجروفْ.
ربّما جاءَ الضيوفْ
فتخلّتْ وتولّتْ.
إنها تُطلِقُ في الليلِ العويلْ
عالياً فوقَ النخيلْ
فاسمعيها واتبعيها.
ربّما جاءت وباءت
بانحسارِ الماءِ عن وجهِ البسيطةْ.
جاءكِ (الحَومُ) فطيري
يا فِراخاً في الغديرِ.
واحمليني
في اتساعاتِ الحنينِ.
٢-شرقٌ وغرب
روسيّةٌ هيَ أُمُّها
من خيمةٍ في شرقِنا الألِقِ، القديمْ.
في غرفتي.. لا شيءَ إلّا الشايَ،
كُنّا عائدَينْ
متأخَرينْ:
المسرحيّةُ لم تكُن إلّا (الحضيضْ).
لكنّنا كُنّا معا
في الشُرفةِ العُليا منَ القصرِ المطلِّ
على السَحابْ.
البابُ يُطرَقُ: لم تكن إلّا تمارا.
وهيَ السنيّةُ نجمةُ الغيدِ العذارى.
-أنا منذُ عامينِ ابتهالٌ وارتقابْ
أن تطرُقي يوماً، فقولي: ما الذي
سأقولُهُ لكِ أو لها؟
فتضاحكتْ:
-لا شيءَ أجملَ في الوجودْ
من أن تضُمَّ معاً إليك
تفّاحتَين
مَلءَ التشوّقِ واليدينْ!
٣-الممرّضة
(الى عبد الله حسن العالم)
الآنَ كم تحلو الحكايةْ:
فالا الممرّضةُ البهيّةْ وأنا وحيرَتيَ العصيّة:
أأضُمّها مَلء اليدينِ اليومَ أم في غيرِ يوم؟
كانت نجومُ الليلِ تتّقِدُ احمرارا
فوقَ انبساطِ ثلوجِ موسكو.
وتلومُني: (دعْها. انطلقْ.
من حولكَ الغيدُ الحِسانُ بلا عددْ.)
أنا كنتُ طائرةً سبيّةْ
ورقيّةً تلهو بها أيدي الرياحْ
والخيطُ يقصُرُ أو يطولْ.
فإذا تصفّحتُ الكتابَ اليومَ لا ألقى هوى
إلّا هواها
بشروقِها وغروبِها
بثلوجِها وسهوبِها.
أُعجوبةٌ زرقاءُ تتّقِدُ اتّقادا
في ناظرَيها التائقَين
في ناظرَيها الرائقَين!
٤-(……..)
مَن لي بطيفِ سفينةٍ
يوماً يُعيدْ
قلبي إلى الجُرفِ البعيدْ
فأنامَ مَلءَ جفونيا
تحتَ انسدالِ الكِلّةِ المتبلّلةْ
بِندى الليالي الصائفاتْ.
وهناكَ في الصمتِ العميقْ
يعلو ويعلو
جوقُ النقيقْ
يعلو ويعلو بينَ أطيافِ النخيلْ.
٥-إغفاءة
أغفى الصبيُّ مُعَذَّباً، متوجِّعا
قد مرَّ أُسبوعٌ عليهْ
عيناهُ حمراوانِ، مغلقتانِ بالرمَدِ الأليمْ
(هذا العدوُّ يزورُهُ في كلِّ صيفْ).
فإذا الإمامُ المرتضى
(أو نجلُهُ السِبطُ الحُسين)
يبدو لهُ
وجهاً وضيئاً، نيِّرا
وبِلحيةٍ سوداءَ قاتمةٍ، قصيرةْ.
بعِمامةٍ خضراءَ زاهيةٍ سنيّةْ
وعَباءةٍ سوداءَ ضافيةٍ عليه.
وبدَت لهُ قدما الإمام
وقوائمُ الكرسيِّ لا تطَأُ البساطْ
بل في عُلوٍّ عنهُ، عن وجهِ الثَرى.
وأفاقَ فجرا
فإذا الرَمدْ
قدْ فَرَّ منهزِماً، ذلولا.
بل لم يعُدْ مُذْ ذاكَ يوما.
2024-09-23 15:19:29