فاتح عبدالسلام
يتساءلون في بغداد وأربيل في اليومين الأخيرين عن سبب توقيت المحكمة الاتحادية حسم الدعوى القضائية العائدة لسنوات ماضية، في الطلب الالزامي من إقليم كردستان العراق تسليم انتاجه النفطي بالكامل الى بغداد مقابل الحصة المقررة من الموازنة للإقليم.
القضاء لا يكترث بما يقال عن أسباب توقيت الحكم، لكن المناخ السياسي ذو طبيعة مؤامراتية في انماط التفكير واختيار الأزمنة والامكنة والمواقف، وهذا كله، شاء القضاء أم أبى يلقي بظلاله عليه، فنحن في العراق وليس في بلد أوروبي.
توقيت قرار المحكمة، في التفسير السياسي يصب مباشرة لصالح طرف قوى الإطار التنسيقي التي ليس من صالحها، قيام تحالف بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والتيار الصدري وآخرين، وانَّ بروز مشكلة العلاقة النفطية التي ظلّت معلّقة تسع عشرة سنة، سيضغط من اجل تغيير التحالفات، او جعل الطرف الكردي في الأقل، أن ينظر بشكل متساو الى جميع الأطراف السياسية خارج الإقليم.
بغض النظر عن توقيت قرار المحكمة الاتحادية وصلته بأحكام الدستور وقيام حكم فيدرالي راسخ في جزء من العراق كواقع غير قابل للرجوع عنه الى الوراء، فإن هناك عاملاً زمنياً سيصل قريباً الى ملامسة عشرين سنة، وهذه المساحة الزمنية لها استحقاقاتها في تغيير تعاملات وتفاهمات متداولة تحت بنود التراضي والتوافق، كان الرئيس العراقي الراحل مام جلال طالباني يحسن التعاطي معها وإدارة دفتها لاعتبارات العمق السياسي الذي يمثله، وزمنية الدور القيادي الذي اضطلع به مباشرة مع بداية الحكم لنظام جديد، كان تحت ضغطين من واشنطن وطهران، من جهة، وتحت ضغط الشروخ والشكوك الواضحة في العلاقات بين بغداد والكرد من جهة أخرى.
يبدو البطء واضحاً في استقبال المتغيرات الزمنية والمنعطفات السريعة للشوط السياسي المتواصل في البلد، مع عدم التعمق في القراءة، التي تحيل ببساطة منذ اعلان نتائج الانتخابات الأخيرة، كفاصلة زمنية ظاهرة للعيان، الى انّ فكرة حكومة الأغلبية الوطنية، فيما لو وُلدت حيّة وليست ميتة، إنّما تعني إعادة رسم خريطة سياسية شاملة للعراق، بما فيها فيدرالية الحكم التي يقرها الدستور، وتبيحها الأحزاب الحاكمة للكرد كقومية ثانية، وربّما على مضض من بعضهم، في حين تحرمها على مناطق أخرى من العراق.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
fatihabdulsalam@hotmail.com
2024-09-23 17:33:24