فاتح عبدالسلام
من الصعب على أي مراقب أن يعرف من أين يستمد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت تفاؤله المفرط بإمكانية قيام تحالفات إسرائيلية عربية بما يشكل هيكلا إقليميا جديدا مع شركاء عرب من الدول المعتدلة من أجل تحقيق الاستقرار والازدهار الاقتصادي والوقوف بقوة في وجه الأعداء الذين يثيرون الفوضى والإرهاب، بحسب تعبيره في حديثه الى الصحفيين في خلال زيارته الى البحرين؟
العرب غارقون أصلاً في التكتلات الإقليمية والقومية، فعرب الخليج منضوون منذ مطلع الثمانينات من القرن الماضي في مجلس التعاون الخليجي الذي كان من أهدافه عند تأسيسه، العمل على استقرار منطقة الخليج التي ما عرفت الاستقرار طوال تلك السنين. ومجلس التعاون، لم تكن دوله الصغيرة والكبيرة على قلب رجل واحد كما يوحى للعرب لباسهم شبه الموحد واشتراكهم بالثراء النفطي والغازي، فتلك الدول نراها للتو خارجة من ازمة طالت سنوات وانتهت الى لا شيء برغم الخسائر الاقتصادية والنفسية والمعنوية، وهي ليس اخر ازمة تنتهي من دون رجعة، ذلك انّ عرب الخليج قلبتهم أمواج عاتية ليس لها منتهى حتى اليوم وإن سكنت قليلاً. وقيل ان مجلس التعاون ولد لصد أطماع إيران بعد نمو ثورتها وارتفاع شعار تصديرها، لكن ذلك كان حبراً على ورق، لولا العراق الذي خسر جيلا كاملا في حرب الثماني سنوات.
امّا التكتل الأكبر للعرب فهو الجامعة العربية التي حالها لا يسر أحداً، سوى إسرائيل ربّما. ذلك انّ الجامعة لا تزال عاجزة عن التدخل في حل اية ازمة داخلية في بلد عربي او بين بلدين عربيين، وكانت تقف من دون حيلة او حل وهي ترى الأمم المتحدة تصدر للمنطقة مبعوثيها الدوليين لأزمات العرب المزمنة وشبه المزمنة، كما في اليمن والعراق وسوريا، وليبيا، والصحراء المغربية،وسواها. ولم يُظهر العرب اخلاصاً وتضحية في سبيل رفع مكانة جامعتهم لتكون الرقم الأصعب امام تكتلات العالم.
وبعد ذلك يريد بينيت اليوم ان يكون العرب على قلب واحد معه في الاتجاه والمعالجة في التعاطي مع مشكلات الاستقرار والإرهاب كما ورد في تعبيره. هل سأل بينيت نفسه سؤالا بسيطاً ، حول أسباب عدم قدرة إسرائيل ان تشكل اتجاها تكتليا مع مصر والأردن بالرغم من العمر المديد لمعاهدتي السلام معهما؟ فكيف له يريد ان تنخرط دول المواجهة الجغرافية امام الساحل الإيراني في التكتل الذي يحلم به ، وستكون ايران في قلبه؟ ماذا يأمل بينيت من العرب في مواجهة ايران؟ أتوقع انّ بينيت يعرف قصدي حين يقرأ هذه السطور وسيضحك كثيراً.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
fatihabdulsalam@hotmail.com
2024-09-23 19:33:07