فاتح عبدالسلام
لا اكترث للمهاترات التي تلبس لبوس القضايا والدعاوى القانونية بين السياسيين، لأنّ تجربة ما يقرب من عقدين من الزمن، تحيل الى حقيقة مستقرة في ضمائر الملايين مفادها انّ السياسي المدّعي والسياسي المدّعى عليه مدانان بنفس المقدار، حتى لو انتصرت النصوص القانونية لفلان ضد علان، انّهم مجموعة من البراغي المزنجرة في آليات العملية السياسية التي سحقت بمسيرتها كلّ القيم التي تنتصر لحق الوطن ضد مبتدعات السياسيين وأصحاب الجهات الانقسامية بكل أنواعها العادية، والكبيرة، والمدنسة، والمقدسة.
لكن هناك فلتات من التعابير التي تسقط من لسان سياسي هنا أو هناك تثير الشجون، واليوم سمعتُ سياسياً يقول انَّ هناك مَن لا يريد أن يكون للعراق رئيس قوي. ويقصد هنا القوى السياسية وليس الشعب الذي يتوق الى جعل اسم البلد مهابا وحدوده مصانة وجواز سفره محترماً وعملته قابلة للصرف في بنوك العالم كأية عملة تزاحم الدولار والاسترليني واليورو.
من حيث المبدأ، يرتبط مفهوم القوة لأي رئيس للجمهورية او الحكومة، بحسن استخدامه النص القانوني والدستوري في المكان والتوقيت المناسبين في رحاب نظر الرحمة التي تستوعب العدالة ذاتها، على اعتبار انَّ الدستور والتشريعات هي حامية البلاد التي طالما أوحى لنا سلوك السياسيين بأنّها بلاد سائبة لا قانون فيها إلاّ عند الحاجة لتطبيقه على الخصوم، وفي المناسبات السياسية التنافسية كزمن إقامة التحالفات أو التحضير للانتخابات أو التهيئة للترشيحات المهمة.
الرئيس الذي يطبّق القانون ويجتهد من اجل تحسين التشريعات بما يزيد من حماية كرامة الشعب وسيادة البلاد وثروات الأجيال، هو الرئيس القوي، حتى لو كان من دون حزب يأويه عند احتدام الخطوب في بغداد، ومن دون دولة يستقوي بها على أبناء جلدته.
لا قوة لرئيس إلا بمنتوجه الوطني، في القرار والسلوك والعدالة وحمل شعار العراق أولاً في الداخل والخارج، والإخلاص للتراب من دون تجزئة.
أيّ رئيس مقبل، عليه أن يدرك، حقيقة، لا مجاملة في التورية بشأنها، وهي أنّ العراقي انسان يقف على حافة اليأس اليوم من الأوضاع السائدة في البلد، وربّما وصل الى الدرجة الأخيرة التي سيقفز بعدها الى الشارع، من دون رجعة هذه المرة، فاستلحقوا أمركم.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
fatihabdulsalam@hotmail.com
2024-09-23 23:28:55