Breaking News >> News >> Azzaman


قتال ودمار أم سلام وحوار؟ – بيوس قاشا


Link [2022-02-14 01:52:31]



قتال ودمار أم سلام وحوار؟ – بيوس قاشا

 في البدء

إنها لحقاً فكرة نبيلة بل مقدسة، وبادرة جميلة بل إنسانية، ليكرَّس اليوم الأول من السنة لأعظم ما يتوق إليه الإنسان في حياته ويتمنّاه بمجمل مشاعره ألا وهو السلام، فتكون السنة كلها، ببركة الله، سنة سلام وطمأنينة وإزدهار. كما مضت تسعة أعوام بعد الخمسين تقريباً على صدور رسالة البابا يوحنا الثالث والعشرين “السلام في الأرض”، في الحادي عشر من نيسان عام 1963? وفيها توجّه قداسته إلى جميع البشر بقوله:”في الإحترام التامّ لتدبير الله يقوم السلام على الأرض. إنه تطلّع جميع الكائنات البشرية في مختلف الأزمنة” (السلام على الأرض، 257).

حروب دولية

شهدت البشرية ولا زالت العديد من الحروب الدولية والإقليمية والمحلية، ومئات من المشاجرات والخصومات والإنقسامات والعداوات، وآلاف من عمليات قطع العلاقات الدبلوماسية والإقتصادية بين البلدان والشعوب والأوطان وبتوقيع من الحكّام، والملايين من الخلافات والنزاعات القبلية والعشائرية في أعضاء الأسرة الواحدة وساكني البلدة الواحدة وأبناء الأرض الواحدة حتى تأصّل الإعتقاد عندي وعند كثيرين أن لا سلام على الأرض، وإنّ قايين لا يزال يفتك بأخيه بدءاً بهابيل، كما هو حال وباء “كورونا”. مَن منا لا يتذكّر ما حصل عام 1961 حيث شُيّد جدار برلين وأصبح أنموذجاً مخزياً للعالم، وولج قلب البشر وعقله، فولدت الإنقسامات وتعشعشت لسنين وبدت حينها أنها طويلة عبر الزمن وكأنّ الدنيا تقرأ السلام على أبنائها. وأصبح الشرّ يملك في القلوب كما أخذت تنتشر حضارة الغاب فيسمح بقتل الأبرياء حينما يجوع الأغنياء، ويدفّأ حكّام الزمن بحطب الناس الضحايا حيث يشتدّ الشتاء. وباتت آفة الإرهاب في هذه السنوات أكثر إيذاءً ووحشية منعت في طريقها الحوار والتفاوض وأثارت مشاكل خصوصاً في الشرق الأوسط فأهرقت دماء الأبرياء عبر أعمال وحشية، عنيفة، غير إنسانية. كما أزادت الطبيعة ثقلاً آخر، فضربت الحياة كوارث طبيعية، أعاصير، موجات من الجراد. من خلال هذه الأحداث المأسوية وأخرى في شرقنا: حروب، نزاعات، إنقسامات، إعتداءات، بناء جدران فاصلة، هدم مساكن، قنابل نووية كيميائية بايولوجية، صواريخ عبر القارات، تهديدات وأوبئة. وبدا الكون مرة أخرى على هاوية حرب نووية، طاحنة، مميتة. وبدا الطريق مسدوداً أمام عالم يفتش عن السلام والعدالة والعيش الكريم والحرية الشخصية والدينية، فكانت النبوّة على فم قداسة البابا الطوباوي يوحنا الثالث والعشرين الذي قال حينها:”إن الإنسانية دخلت مرحلة جديدة من مسيرتها، مرحلة اتّسمت بالإقتناع بأن البشر متساوون بدافع كرامتهم الطبيعية، وبأنهم يجب أن يكونوا واعين لبعض القِيَم الروحية والتي هي ركائز سلام أكيد، ألا وهي الحقيقة والعدالة والمحبة والحرية” (السلام على الأرض؛ ص267-269). فالشرّ يعكس وجه الأنانية والكراهية، والمحبة وحدها قادرة على قهر هذا الشرّ وبيان الحقيقة، إن الحياة خُلِقَت لنحياها بسلام… فما هو السلام؟.

ما هو السلام ؟

منذ ألفي سنة ونيف أنشدت الملائكة ترتيلة السلام “المجد لله في العلى، وعلى الأرض السلام” (لوقا 14:1)? ابتهاجاً بوليد المغارة ملك السلام، ولا زال ذوو الإرادة الصالحة ينشدونه. فالسلام هو أولاً عطية من الله، والعالم من دون الله لا يقدر أن يعرف السلام “لانه ميزة للعمل الإلهي” (البابا بندكتس السادس عشر). وبمفهوم الإنجيل ليس السلام أمْناً أي عدم حرب، بل هو حالة من الطمأنينة النابعة من القلب المصالَح مع الله. بهذا المعنى يصبح للسلام مفهوم شامل يطال الإنسان بكليّته، والإنسان الذي يحصل على هذا النوع من السلام ينشر من حوله أجواءً سلاميّة تقود إلى التفاعل الإيجابي بين جميع أبناء البشر، هذا هو السلام الذي تعطيه السماء لنحمله بدورنا إلى العالم. نعم، إنه هبة من السماء لِمَن يطلبها أولاً، فربّ السماء يقول لنا:”طوبى لفاعلي السلام فإنهم أبناء الله يُدعَون” (متى 5:9).

السلام ليس مجرّد غياب للحرب ولا هو مجرد إقامة توازن بين القوى المتناوئة ولا هو ثمرة سيطرة مستبدّة ولكنه “عمل العدل” أي إنه ثمرة نظام جعله في المجتمع البشري واضع هذا النظام، أي الخالق، وأولى أمر تحقيقه إلى البشر المتعطّشين أبداً إلى عدالة أوفى وأكمل. وبسبب التقلّبات المتواصلة التي ترافق الزمان ليس من سلام ناجز أبداً وبطريقة ثابتة ولكن على الإنسان أن يبنيه باستمرار. “فالسلام، يقول البابا بندكتس السادس عشر، واجب يلزم كل فرد بإعطاء جواب شخصي يتطابق مع التدبير الإلهي، ومعياره هو إحترام “القاموس” الذي كتبه في قلب الإنسان خالقه الإلهي، وهو حلم كل الأجيال، ولكن كم من حروب ونزاعات مسلّحة موجودة اليوم” (رسالة السلام 2007). فالبابا القديس يوحنا بولس الثاني يقول في رسالته ليوم السلام العالمي عام 2004″إن السلام يحتاج إلى الحب. فالحب يطلب كل شيء وفي كل ناحية من الأرض. إذا ما انتصر الحب يُتَوَّج السلام مَلِكاً، وهذا ما تتوق إليه قلوب الجميع”. حيث يتطلّع البشر دوماً برجاء وحنين إلى سلام. فهم أعداء العنف والحرب. ويقولون باستمرار أن السلام ينتصر في نهاية المطاف. وهذه الصرخة التي يطلقها البشر المتعطشين إلى السلام يسمعها الله لأنه إله البشر ويجيب لتضرعاتنا. عبر ذلك يكون السلام هو فتح الفكر والقلب لإستقبال القيم التي هي أساس المجتمع السلمي. كما علينا أن نتطلّع بشوق وحنين وأمل وطيد إلى تحقيق السلام في هذه الأرض.

   لا سلم إلا بالحرب

نعم، تباينت المواقف وتعدّدت المفاهيم وتعقّدت الأمور، واستبدّ سوء الظنّ بالفرقاء فذهبوا جميعاً إلى اعتناق مبدأ “لا سِلْمَ إلاّ بالحرب”، شاء الخالق أو أبى، وضربوا عرض الحائط بتعاليم السماء والقيم الحضارية والمبادئ الأخلاقية والعاطفة الإنسانية ومضمون الكتب السماوية، وتبنَّوا مبدأ لا يُقرّه الله ولا تعترف به الحضارة “العين بالعين والسنّ بالسنّ”، واليوم زاد بعضهم هذا المبدأ تشدّداً وهمجيّة فقالوا:”العين بِعَشْرِ عيون، والسنّ بأسنانٍ عشر”، وإذا بربّ السماء يجلجل متوعّداً:”لا سلام للمنافقين، يقول الرب” (اشعياء 22:48).

حاجتنا أن نسعى مخلصين إلى تحقيق السلام عبر تربية الشعوب على احترام السلام وتوفير الأمن والتعايش الأخوي، إذ رحنا نتبع، واعين أو غافلين، المبدأ اللإنساني الذي يقول:”إن شئتَ السلام فتهيّأ للحرب”، ومعناه لذوي النوايا السيئة، إنه يجب إبادة الغير لئلا يبقى مجال للإقتراب. إنه مبدأ شيطاني لاشكّ في ذلك لأن إبليس هو قتّال النفوس منذ الأزل وما زال، وكم له في الدنيا من أعوان. في حين أنّ الخالق لم يخلق البشر ليُقتَلوا لأنهم جميعاً خلائقه، وما شاء الله أن يخلق خليقة لا يحبّها، فالحرب تدمّر حياة الأبرياء، وتعلّم القتل، وتزلزل حياة القتلة، وتخلّف وراءها الفضيحة والثأر، وتَحُول دون التوصّل إلى حلول عادلة للمشاكل التي سبّبت إندلاعها. أَلَمْ ينقضي ذلك العهد البغيض حيث كانت الحروب موضوع تسلية العظماء من ساسة البلاد وأوليائهم، يعمدون إليها لأتفه الأسباب وأوهى الحجج. حيث كانت الحرب حقّ القوي والمستعمر للسيطرة على الضعيف والعبث به، وبما يعود له من مال ورجال وممتلكات. إن الأرض اليوم ليست بحاجة إلى سلام قيصر، فقيصر حقّق سلامه الروماني المعروف “باكس رومانو PAX ROMANO” على أسس السطوة والسيطرة والرعب، وَوُلِدَ في زوايا مملكته الفسيحة طفلٌ قالت السماء عنه “إنه مَلِك. إنه علامة مجد الله، وإنه السلام الحقّ لبني البشر” (لوقا14:2). كما إن الأرض ليست بحاجة إلى سلام يفرضه القوي على الضعيف، ومع الأسف هذا شأن زماننا، وبهذا يبتعد السلام عن حقيقته ليتربّع في قصر فخيم، ويصبح الفقراء والأبرياء ضحايا الأنانية والكبرياء، فتموت الإنسانية وكرامتها. فنحن اليوم بحاجة إلى أناس يغضّون الطرف عن الإساءة ويقضون على القذى ويتجنّبون الفتنة ولا يحجمون أمام هضم حقوقهم، ومثالنا في ذلك إبراهيم، كان رجل سلام، فعندما إحتدم الخلاف بين رعاته ورعاة ماشية لوط ابن أخيه قال:”لا تكن خصومة بيني وبينكَ، ولا بين رعاتي ورعاتكَ، إنما نحن رجلان أخوان. إختر ما يبدو لكَ” (تكوين3:13). هذه هي الرجولة الحقّة لأن الحاجة الحقيقية هي حاجتنا إلى رجال صلح ومصالحة، رجال أنس وحكماء ورحماء بل رجال غفران ومسامحة، يفهموا ويدركوا واقع بؤس الإنسان فيعملون من أجل الرحمة لتخفيف وطأة البؤس والشقاء من أجل كرامة الإنسان، فما أجمل أقـدام المبشّرين بالـسلام (إشعياء7:52). إنهم أبناء الله، وينظر الناس إليهم كممثّلين عن الله، فيلقون بين أيديهم همومهم الداخلية ومشاكلهم الإجتماعية، وهكذا يصبحون قضاة الأرض وهم ورثة الله، يتمتّعون في هذه الحياة بمحبة القلوب والذكر الحسن، ويتمتّعون بإكليل مجدٍ سنيّ.

مخاطر السلام

إن عالم اليوم عالم مليء بالتناقضات الصارخة، منذهل بفكرة “حقوق الإنسان”، يتحدث عنها في كل مجال ويرى فيها إطاراً عامّـاً يسهم في الإعتراف بقيمة الحياة وكرامة كل إنسان في حدّ ذاته بصرف النظر عن كل تفرقة في العرق أو في البلد أو في الدين أو في الرأي السياسي أو في الطبقة الإجتماعية، غير أنه لا يرى لها ترجمة عملية. فالواقع “مأسوي” لأنه يعبّر عن انفصام عميق في الإنسان، إذ لا زالت كرامة الإنسان تُداس في أنحاء عديدة من العالم، وأضحى الإنسان وحشاً ضارياً لأخيه الإنسان. وفي هذا كله، فأحبار الكنيسة الكاثوليكية لم يتجاهلوا أبداً هذا الموقـف المأسوي، فيوحنا الثالث والعشرين وبولس السادس يقولان:”إن طريق السلام يمرّ عبر الدفاع عن الحقوق الإنسانية الأساسية وتعزيزها. فكل شخص بشري يجب أن يتمتّع بسلام الحياة”.

ويوحنا بولس الثاني يقول:”إن الكنيسة تدرك مسؤوليتها في نشر الحقيقة حول الإنسان لأنها وُجِدَت لخلاصه. فعندما تراه غارقاً في نهج خاطئ يقوده إلى خسارة حياته وتشويه كرامته،لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي. إنه وديعة بين يديها”، وهي تعي أكثر من غيرها قيمته وتتفهّم ضعفه. ولأنها بدون الإنسان تفقد غاية وجودها ورسالتها. إنها مَعنيّة مباشرة بما يعيشه إنسان اليوم من مخاطر في مسألة الحياة والسلام.

في عالم اليوم، هناك مخطَّطان يظهران بوضوح، أحدهما يناقض الآخر. مخطَّط يصوّره قايين ويقود إلى الموت، وآخر يصوّره الله ويقود إلى الحياة. والمخطَّطَيْن معاً لهما جامع مشترك وهو مسؤولية الإنسان. ففي الموت أو الحياة يلعب الإنسان دوراً مهماً نستنتجه من الحوار الذي أجراه الله مع قايين، سائلاً إياه عن حياة أخيه. وهنا تظهر أهمية الإنسان في العيش بسلام مع الله كشريك في رعاية الحياة، أو في أن يكون عدوّ الله في إعتبار الحياة مُلْكاً له يتصرّف بها على هواه. فحوار الله مع قايين تركيز على كرامة الإنسان وقيمته، لأنّ الحياة في جميع مراحلها مقدّسة، والعيش بسلام مع الله لا يكون إلاّ في حفظ كرامة عمله”. من هنا نفهم أن الكنيسة عندما تتحدث عن الحياة البشرية وكرامة الإنسان لا تعمل شيئاً سوى إيصال صوت البشارة الإلهية إلى الإنسان، فقد قال البابا القديس يوحنا بولس الثاني:”لا يمكن أن نسمح بعد بوجود عالم يعيش فيه جنباً إلى جنب، أغنياء ومحرومون، أشخاص لا يملكون أي شيء، محرومون حتى من الأمور الأساسية للحياة، وأشخاص يبذّرون من غير تقدير. مثل هذه المناقضات هي إهانة لكرامة الإنسان”. نعم، إن الحرب ما عادت واجباً بذاته ولايجوز اللجوء إليها أو إستخدامها كوسيلة لأجل السلام، بل السلام الأساسي الذي يجب أن يسعى إليه أبناء الناس أجمعين، أفراداً وجماعاتٍ، لتسود العدالة بينهم ويعمّ الإخاء، وذلك عبر تضافر الجهود وتساند المساعي من أجل توطيد أركان سلام عالمي راسخ ومكين، وهذا يتطلّب من الجميع مدّ الأيادي عبر نوايا سليمة، بصرف النظر عن العنصر أو المذهب أو المشرب، من أجل الحفاظ على ما حقّقت الإنسانية من مكاسب، والسعي للحصول على مكاسب أخرى خاصة بعدما تشعّبت العلاقات الدولية إلى أبعد مدى وتشابكت مصالح الشعوب وارتبطت بعضها ببعض ارتباطاً وثيقاً جداً. من هنا ندرك – إنه لايمكن القبول، ولا يجوز أن يبقى السلام رهينة العنف في العالم، ولا يمكن استخدام الحرب كوسيلة – إنّ الدول والشعوب التي تحبّ الحروب تتكلّم كثيراً عن السلام لتعطي طابعاً إنسانياً عن الحرب وهي في الداخل مليئة بالحقد والكراهية بل بعيدة عنه. وكما تجاوز الإنسان الأول السلام عندما تجاوز شريعة الله هكذا تجاوزت الدول الكبرى احترام حقوق الآخرين والشعوب من أجل حقوق شعوب بلدانها فقط، فإن الدول عندما تتصرف “وكأن الله غير موجود، لا تفقد فقط معنى سرّ الله بل معنى سرّ العالم أيضاً وسرّ كيانه”.

كيف يكون؟… ألا يكفي؟!!!

إذن السلام ممكن بل واجب وهو عطيّة ثمينة نسألها من عند الله، ونبنيها بكل قِوانا عبر مبادرات سلام ملموسة من قِبَل كل رجل وامرأة. والبشر أجمعين – من أي دين كانوا، وكل السلطات من مدنية وروحية – مدعوّون للإسهام في توطيد السلام وتعليم الشعوب على احترامه، وتربية الأجيال على المحبة والمصافحة والغفران، إذ كيف يكون سلام وهناك خرق لحقوق الإنسان، هناك احتيال واحتكار، هناك بغض وكراهية وانتقام، هناك تكبّر وتجبّر واستبداد، هناك ضغوط مادية ومعنوية وعسكرية، هناك خنق للحرية، وهناك حرص لا مثيل له على المصالح الشخصية والعشائرية والطائفية والمذهبي؟!!. إذ يقول البابا بندكتس السادس عشر:”لا يجوز فرض الدين الواحد على الجميع بل مراعاة حقوق الديانات الأخرى وممارسة معتقداتهم بحرية”، وهناك عدم إطمئنان للغد لدى المهجَّرين والعجزة والمعاقين والعاطلين عن العمل. فلو كان عندنا سلام لمَا كنّا رأينا ما رأينا من أبنائنا وقد تفرّقوا تحت كل اسم وهم يتوقون كل التوق للعودة إلى أرض وطنهم. لو كانوا على يقين إنهم لا يلاحَقُون فيجدون عملاً يعنيهم ذلّ السؤال: ألا يكفي حرب ومنازعات مسلَّحة؟ ألا يكفي اللجوء إلى السلاح والعنف؟ ألا تكفي الأضرار الماديّة والمعنويّة التي تنتجها حالات القتال والدمار والتفجير؟ ألا يكفي أن يكون الإنسان ضحيّة العنف والإرهاب؟ ألا يكفي تنشئة الأجيال الصاعدة على الكراهية وحقد الآخر البغيض بدلاً من تثقيفها على المشاركة في الحياة ومقاسمة الحلول البنّاءة في المنازعات، فيكونوا في سلام وحوار ليس إلا!؟.

   الختـام

ختاماً – مع إعتذاري – بعد هذا المقال الطويل، أردّد وأقول: كلّنا مدعوّون أن ننظر إلى التحلّي بمشاعر السلام الذي غذّته الثقة بالله الرحمن الرحيم، وعِبْرها يزداد الأمل بيننا، عالم يسوده السلام. نعم، فالسلام كلمة صغيرة كحبّة الخردل، فعندما تكبر تصبح شجرة وتتفرّع أغصانها، ويتظلَّل في فَيْئِها الناس أجمعون مهما كانت أحوالهم وأنواعهم… فإذا ما سرنا في درب السلام:

-يكون السلام إبتسامة بها نستطيع أن نقرّ بإخطائنا.

-يكون السلام صداقة بها نغضّ النظر عن سيئات القريب.

-يكون السلام نظرة بها ننظر إلى الآخر بصفاء النيّة وطهارة القلب.

-يكون السلام لقاءً به نمدّ الأيادي للآخر قبل أن يمدّها الآخر إلينا.

-يكون السلام في وئام وانسجام ونزع الحواجز عن دروب الناس المختلفين.

-يكون السلام حواراً به نتقاسم مع الآخر خير الدنيا في السرّاء والضرّاء.

-يكون السلام بذلاً وعطاءً بهما يضحّي الإنسان بحياته من أجل الآخر.

-يكون السلام آية لبناء الوطن بدل الاقتتال والدمار.

فيا رؤساء العالم ويا قادة الشعوب، عبر الحوار كونوا خدّاماً للسلام. ألم تسمعوا ما قاله نبي السلام، عيسى المسيح:”مَن كان فيكم كبيراً فليكن لكم خادماً” (لوقا    27:22 )فالعظمة ليست بقتل الأبرياء عبر حروب مدمِّرة ومن أجل غايات ومصالح أنانية وسياسية، ولا منفعة منها إلا مصلحية ودنيوية ومهاجمة المسالمين بحجّة الإبتزاز على مثال حكاية الثعلب والحَمَل، فتلك أفعال مشوِّهة لحقيقة الإنسان بل لصورة الخالق الرحمن الرحيم. نعم، الحياة والسلام وديعتان إلهيّتان ولا أجمل منهما، فلماذا نشوّههما بأعمال الحروب والنزاعات، فنحن أخوة في أرضٍ واعدة. ما علينا إلاّ أن نوجّه أنظارنا نحو العلى طالبين السلام عبر الحوار. نعم، لـــــم نُخلَق لنتقاتل بل خُلِقنا للحياة، للســـــلام وليـــس للقـتال والدمار.فيا ربّ السماء، هَبْ بلادنا السلام. فيا رب السماء، هَبْ عراقنا السلام. يا رب السلام، إمنح شعبنا السلام.



Most Read

2024-09-23 23:18:58