Breaking News >> News >> Azzaman


نحو تقنين معايير أنموذجية لقياس الأداء الوظيفي –  أحمد طلال البدري


Link [2022-02-12 01:32:22]



نحو تقنين معايير أنموذجية لقياس الأداء الوظيفي –  أحمد طلال البدري

إن الغاية من وضع معايير لقياس الأداء الوظيفي (للموظف) أو الأداء المؤسسي (للمرافق العامة) هو رفع الكفاءة لضمان جودة الأداء سواء على صعيد الانتاج أو تقديم الخدمات للمراجعين (المواطنين)، والهدف من تقييم الأداء مراجعة اجراءات وتدابير وآليات الادارة وسياساتها لتحقيق أهدافها حيث يساعد التقييم على تصحيح مسار الادارة والتطوير لاداء أفضل على مستوى الموظفين وعلى مستوى المرافق العامة، لاسيما أن مبادئ الحكم الرشيد قد انعكست على القوانين الاوربية التي بدورها دفعت لتغيير بعض مبادئ القانون الإداري في الدول أعضاء الاتحاد الاوربي وظهور مبدأ جديد يحكم عمل المرافق العامة وهو مبدأ (نوعية وجودة الخدمة) التي يقدمها المرفق العام، حيث أصدر الاتحاد الاوربي توجيهاً يلزم المرافق العالمية بتقديم خدمة بنوعية جيدة، وطبق هذا المبدأ على خدمات مرفق الاتصالات الذي أصبح في أوربا مرفقاً عاماً عالمياً مع قبول طلبات طعن المستفيدين ضد المرافق العامة التي لا تلتزم بمعايير الجودة في تقديم خدماتها للجمهور، بعد أن أصبح هذا المبدأ دستورياً في بعض الدول ، منها على سبيل المثال المواد (19-22) من الدستور المصري لسنة 2014 التي الزمت المرافق العامة بتقديم خدماتها وفقاً لمعايير (الجودة العالمية) وخصوصاً في مجال التعليم الأولي والجامعي والتدريب المهني وتطويره ، وهذا يقتضي من المشرع ومجلس الخدمة الاتحادي العمل على وضع وتقنين معايير أداء قياسية وهي عبارة عن معدلات قياسية تسترشد بها الادارة كأساس للتقييم والمراجعة، من خلال مقارنة النتائج التي تحققت مع تلك المعدلات عند توفر الشروط الواجب توفرها في كل مؤشر أداء، ونقترح اعتماد وتقنين المعايير الرئيسية الاتية في قانون يتعلق بتقييم الاداء الوظيفي والمؤسسي ، الفردي والجماعي مع اعتماد وسائل حديثه للقياس ويتفره عن هذه المعايير معايير فرعية تتعلق بطبيعه الوظيفه والمهام  ، واهم هذه المبادىء التي يجب ان تقنن وتكون ملـزمة للادارة في عملها هي:

أ- الكفاءة (Efficiency): وتعني حسن قيام الموظف بمهامه وواجباته وحسن استخدام المرفق العام او المؤسسة لمواردها المتاحة، كذلك يجب أن يتضمن هذا المعيار بعض معدلات قياس العناصر الواجب توفرها في الموظفين (مدى الالمام بالعمل – تحمل المسؤولية – القابلية للتوجيه والتدريب – المواظبة – التعامل مع الزملاء والرؤساء – تنفيذ مهام الوظيفة).

ب- الفاعلية (Effectiveness):  ويقيس هذا المعيار مدى قدرة الموظفين على تحقيق النتائج والمهام الموكلة إليهم في ضوء الاهداف العامة للمنظمة والاهداف الفرعية (التنفيذية)، من خلال مراجعة ما ينجزه الموظفين وبالاعتماد على وضعهم الوظيفي ومعايير عملهم والمهارات والمعارف المطلوبة لانجاز هذه المهام وحسب الاوزان النسبية التي توضع تبعاً لأهمية مهام الوظيفة ومتطلبات انجازها، مع مراعاة العناصر الشخصية في الأداء التي تمثل جوانب قوة عند تقييم شخصية الموظف وتشكل فروقات فردية في الأداء (كالذكاء – المبادرة – المواظبة – التعاون – الحضور – الإلمام بالعمل – كمية الاعمال المنجزة مقارنة بزملائه – العلاقات الانسانية – الاعتماد على النفس – القدرة على التخطيط والتنظيم والاشراف…).

مخرجات عمل

جـ- انتاجية الموظف (Productivity): حيث يهدف هذا المعيار الى قياس مخرجات العمل (انتاجية) الموظف قياساً لاهداف المنظمة ومواردها واستراتيجياتها في العمل مع بعض العناصر الشخصية للموظف كمقارنة انتاجيته مع أقرانه من حيث المؤهل العلمي والوصف الوظيفي، والاستغلال الامثل لأوقات العمل وعدم إهدار الوقت، نسبة تمتع الموظف بالاجازات، مبادرات الموظف لتطوير عمله بهدف زيادة الانتاج، مدى الاستجابة لمؤثرات ومتغيرات العمل الداخلية والخارجية وتأثيرها على مستوى الانتاج، مدى توفر ملكة التفكير المبدع لزيادة الانتاج، ومدى إمكانية استخدام تقنية العصف الذهني (Brain Storming) لتطوير الافكار في مــجال الانتاج وإمكانية توظيفها بشكل فردي أو جماعي لمعاجلة مشاكل الانتاج وإزالة معوقاتها دون اللجوء للرئيس الإداري.

د- الجودة (Quality): يهدف هذا المعيار الى التركيز على نمط السلوك الانتاجي للموظف، إذ لا يكفي ان يكون الموظف غزير الانتاج أو سريع الانتاج بل يجب أن يكون الانتاج أو الأداء الوظيفي ذهنياً كان أو مادياً يتصف بمعايير الجودة كالدقة، وسرعة الاستجابة، والمسؤولية، والاتقان، وعدم مخالفته للتوجيهات الإدارية وعدم مخالفته للانظمة والتعليمات والقوانين ولا يتضمن تجاوز حدود الاختصاص أو الصلاحيات.

هـ- الملاءمة (Adequate): يهدف هذا المعيار الى جعل مقاييس الأداء ملائمة لطبيعة العمل سواء أكان عملاً قانونياً أو مالياً أو إدارياً، بحيث تكون جميع مؤشرات قياس الأداء منسجمة مع طبيعة العمل الذي يخضع لمعيارية التقييم، وفي كل الاحوال يجب أن تكون مؤشرات الأداء (مباشرة، وموضوعية، كمية (رقمية)، ونوعية (وصفية)، وتفصيلية، وعملية ومعتمد عليها بحيث تكون على جودة كافية لصنع قرار التقييم).

و- العدالة التقييمية Evolutional Justice)): ويركز هذا المعيار على وجوب كون مؤشرات قياس أداء الموظف عادلة تؤدي إلى تقييمات وظيفية عادلة تشعر الموظف بنزاهة التقييم الإداري الصادر بحقه في الأداء والسلوك والعمل مما يعزز رضاه الوظيفي عن اجراءات التقييم ونظم العمل والاطمئنان لترقيته الوظيفية وتدرجه وتقييم أداءه بعيداً عن المعايير الشخصية ، أومعايير التقييم المزدوجة أو الغير دقيقة أو الخارجة عن الوزن الموضوعي للأداء مع الاخذ بنظر الاعتبار محفزات العمل واثرها في تحقيق الرضا الوظيفي كالانجاز والاعتراف وتقدير جهود العمل عند التقييم .

تقويم وظيفي

ح- الشفافية (Transparency):  ويركز هذا المعيار على وضوح وعلنية اجراءات وأساليب التقييم الوظيفي والابتعاد عن اسلوب التقييم السري للاداء ووجوب ايصال نتائج التقييم للموظفين سواء أكانت سلبية أو ايجابية للاطلاع على تقييمهم والتمكين من الطعن بنتائج التقييم كضمان للموظف الذي يتولد لديه شعور بعدم عدالة أو نزاهة التقييم، حيث اسبغت البيروقراطية البعد القانوني على العدالة داخل المرافق العامة ، إذ تؤكد الدراسات في مجال العمل الوظيفي الإداري إلى أن غياب الاحساس بالعدالة يكون مدعاة إلى إقامة الصراع السلبي داخل مؤسسات القطاع العام، فشعور الموظفين بالمساواة وإعطائهم الفرص المتماثلة للنجاح ودعم توقعاتهم المشروعة والتعامل مع قيمهم يؤدي إلى رفع مستوى الأداء الوظيفي، كما أن الموظف العام بصفة مواطن من حقه الاطلاع على المعلومات التي تخص المرفق الذي يعمل فيه وهو ما يعرف بالحق في الحصول على المعلومات الذي يعني تمكين الافراد داخل الدولة من الاطلاع على ما يهمهم من معلومات ترتبط بمرفق عام تديره الدولة وفق قيود شكلية وموضوعية تضعها الدولة تتسم بالمعقولية لضمان الحصول على هذه المعلومات المطلوبة، وهذا المبدا من المبادئ الدولية والدستورية ونضمت بموجب التشريعات الوطنية .

ز- الموضوعية (Objectivity):  ويركز هذا المبدأ في تقييم أداء الموظفين على العناصر الموضوعية للأداء الوظيفي، وهذا المبدأ يجنب الادارة الوقوع في أخطاء التقييم الشائعة ومن هذه الاخطاء التحيز الشخصي لأحد الموظفين او التحيز السياسي او الطائفي ، التأثر بحداثة الموقف السلبي للموظف على حساب موافقة الايجابية الماضية، المبالغة في التقييم سلباً أو ايجاباً، العطف المفرط وعدم رغبة المقيم من الاضرار بمرؤوسيه، أو تعميم التقييم على جميع الموظفين، تكرار التقييم دون مراجعة، التعويض عن تقييم سلبي سابق، أو التقييم على أساس نظرة المقيم للموظفين وتصنيفهم حسب وجهة نظره (كبار السن، نساء جميلات، رجال قبيحون، إداريين، قانونيين، مهندسين، فنيين ، ينتمون لمدينته او طائفته او حزبه…الخ ) ولدينا امثلة كثيرة في وزارات الدولة حيث يتقوقع الوزير بصورة فوقية ولايكترث الى حقوق موظفيه ومعاناتهم بسبب عدم قدرته على القيادة وقله الخبره  كونه  شغل هذا المنصب عن طريق المحاصصة السياسية ووبالتالي يأتي تقييمة لموظفيه على اسس ومعايير غير موضوعية دون رقيب اوقانون يحد من هذا السلوك الشخصي في التقييم. لما تقدم ندعو مجلس الخدمة الاتحادي باعتباره المعني بشؤون الخدمة الوظيفية الى اقتراح مشروع قانون يتعلق بتقنيين معايير شغل الوظائف العامة ومعايير التقييم الوظيفي وساليب قياس الاداء الوظيفي بصورة علمية ودقيقه وتفعيل دائرة البحوث في اعداد هذه المشاريع والدراسات القانونية لتأخذ وقتها الكافي للظهور الى حيز الوجود…والله الموفق .



Most Read

2024-09-24 01:29:16