Breaking News >> News >> Azzaman


شاخ العالم وكثرت تجاعيده – تمارا خالد الدليمي


Link [2022-02-12 01:32:22]



شاخ العالم وكثرت تجاعيده – تمارا خالد الدليمي

لله اجر شبابنا الذي لم نعشه مثلما ينبغي حتى إنا لم نعد نخاف الشيخوخة بل اصبحت محور تصوراتنا التي نتعايش معها كانها حاضره معنا.

الجميع يبحث عن السعادة التي تعددت وجهاتها حسب كل شخص حيث يتجه البعض لتحقيق الانجازات ويصارع الوقت لتحقيق الاهداف لعله يجد السعادة كامنة في هذا الاتجاه وبعض الاشخاص يتجهون نحو بناء اسرة ويفنون حياتهم لاسعادهم لعلهم يجدونها ايضا في هذا الاتجاه والبعض الاخر والاخر والاخر وتتعدد الاتجاهات ل يجدون سعادتهم كامنة هناك لكن الواقع وعند الاختلاء بالنفس باستقرار الجسم والعقل يتضح انه ليست هناك اي سعادة في اي شي.

إنها تُقاس بما في الإنسان لا بما عنده من توجهات وانجازات السعادة تُعاش بلغة الكينونة أي بما يكونه الإنسان في داخله لا بمفردات الحيازة والامتلاك فمن تغلب على الحاجة سرعان ما يقع تحت شرك التعاسة لأن ما تحصل عليه من كدحه وركضه يبدو له في النهاية شيئاً تافهاً وغاية في الصغر،  لذلك وفي محاولة للتعويض يندفع في كل الإتجاهات بحثاً عن الرفقة والصحبة أي عن أصحاب ورفاق يشبهونه فالطيور على اشكالها تقع كما يقول المثل والشبيه يحن دوماً إلى شبيهه

أما السبب في كل ذلك فهو فراغه الداخلي وصغر عقله وتواضع ذكاءه وخفوت همته الروحية.

وما أن يجد رفاقاً حتى يمضي معهم كل وقته في اللهو الذي انطلق باحثاً عنه في صنوف المتع فكن على يقين بأن هذا الصنف من الناس إنما يسعى عبثًا من خلال أفعاله لدرء هذا الضجر الذي ينخره من داخله وعلى هذا النحو يقود الفقر الداخلي حتماً إلى فقر خارجي محقق وعادةً هي تنبع من أعماق الانسان ونظرته تجاه الأمور لذلك قد نجد أغنى الناس تعيسًا يشكو الاكتئاب والضجر ونجد أفقرهم يحمد الله ويبتسم من أعماقه ، فالسر في قناعة الإنسان فيما بين يديه ودرجة إيمانه.

العالم اليوم اصبح شائخ يعيش اواخر ايامه بملل. لقد كثرت امراضه وكثرت الصراعات الاقتصادية والاستراتيجية التي منذ عشرات السنين وحتى اليوم بعد (كورونا) يتصارعون على العولمة وغيرها من الصراعات لامتناهية.

مصلحة شخصية

السبب إن الناس يتصرفون دائماً لغاية معينة وهي ما يرغبونه من مصلحة شخصية وبناءً عليه يكون مسعاهم الوحيد هو معرفة العلل النهائية للأعمال المنجزة فلا يهدأ لهم بال حتى  يتحصلوا على معلومات حولها ولا يبقى لهم أي داعٍ للقلق وإذا تعذر عليهم معرفة هذه العلل من غيرهم يلجأون إلى ذواتهم ويتأملون في الغايات التي تدفعهم إلى القيام بهذه الأعمال فيحكمون بالتالي على طبع غيرهم بناءً على طابعهم الخاص.

وبما إنهم يجدون في ذواتهم وخارج ذواتهم عدداً كبيراً جداً من الوسائل التي تساعدهم على الفوز بما ينفعهم مثلاً أن لهم عيوناً بها يبصرون وأسناناً بها يمضغون وحيوانات بها يتغذون وشمساً بها يستضيئون  ومن له شهادات يفخر بها ومن له صنعة ..الخ

فإنهم اعتبروا أن كل الأشياء الموجودة في الطبيعة أدوات في خدمتهم وبما إنهم يعلمون من جهة اخرى أن هذه  الأدوات ليست من صنعهم الخاص بل عثروا عليها عثوراً ونظراً إلى افتقارهم المستمر فقد حكموا عليها بناءً على طبعهم الشخصي وأقروا بأن الإله  يسخر كل شيء لصالح الأدميين كي يتعلقوا بها وتنال منهم أعظم تمجيد وبالتالي فقد ابتكر كل واحد وفقاً لطبعه ومزاجه طرقاً مختلفة لعبادة ربه وإستعطافه أكثر من غيره كي يسخر الطبيعة كلها وفقاً لرغبته العمياء وجشعه اللامحدود

أنظروا أرجوكم إلى ما أفضت إليه الأمور فرغم كثرة المنافع التي تقدمها الطبيعة الا انهم يذكرون فقط المساوئ العديدة  التي تعكر صفو مزاجهم كالهزات الأرضية والأمراض إلخ ..

واقروا بأن هذه الظواهر هي تعبير عن غضب الله المغتاظ من ذنوب الآدميين أو من تهاونهم في عبادته ورغم أن التجربة الايمانية تكذب يومياً هذا الإعتقاد وتبين أن الأتقياء والزنادقة يكونون عرضة للنعم أو المصائب على حد السواء فإنهم لم يتخلوا عن ذلك الحكم المسبق المتأصل فيهم بل لقد استسهلوا إعتبار هذا الأمر من جملة الأمور الخفية التي يجهلون فيما تستخدم وفضلوا البقاء في ما هم عليه من جهل فطري على هدم كامل البناء واعتبار ماجاء به فكرهم الرجعي بناء جديد.

وعلى ذلك أيقنوا أن أحكام الله متعالية جداً على فهم الإنسان ولا شك أن هذا السبب وحده كان كافياً كي يبقى الجنس البشري في جهل مستمر للحقيقة والسعادة والسلام النفسي  في فلسفة شوبنهاور التي كانت تتضمن أن السعادة مستحيلة في هذا العالم وكل ما نحصل عليه هو تخدير مؤقت للألم فالشر هو الأساس وذو طابع إيجابي أما الخير ذو طابع سلبي.

ومن هنا رفض شوبنهاور أي شكل من التفاؤل ورأيه أن التفاؤل في عالم كهذا يضع الإنسان في معضلة فلسفية ويجعله يركض خلف سراب ووهم يتمثل في تحقيق غاية ألا وهي الحصول على السعادة والتي هي شيء ليس له وجود حقيقي،  ولذلك رأي شوبنهاور أن التشاؤم ذو طابع علاجي.

فيقول في هذا الصدد في كتابه العالم إرادة وتمثل عن وهم الركض وراء السعادة :

( إن فلسفتي لم تعطني شيئاً، ولكنها وفرت عليَّ الكثير من العناء والجهد في إنتظار هذا الشيء)

{  محامية باحثة في مجال القانون



Most Read

2024-09-24 03:37:28