Breaking News >> News >> Azzaman


التذبذب الذميم – حسين الصدر


Link [2022-02-12 01:32:22]



التذبذب الذميم – حسين الصدر

-1-

لو استنطقتَ مَنْ تعرفُ من الناس لَمَا وجدتَ فيهم مَنْ يمدحُ التذبذب في المواقف ، ولكنهم – وللاسف الشديد – لا ينجو أكثرهم منه ..!!

وَهُمْ بذلك يدينون أنفسهم من حيث لا يشعرون ..!!

-2-

الانتقال من المديح الى الذم هو التذبذب الصريح ،

وهذا ما أَخَذَهُ النُقّادُ على المتنبي :

قال في مدح كافور :

وللنفس أخلاق تَدُلُّ على الفتى

أكانَ سخاءً ما أَتَى أَمْ تساخِيا

قَواصِدُ كافورٍ تَواركُ غَيْرِهِ

ومَنْ قَصَدَ البحرَ استقلَّ السَواقِيا

وكافور وَفْقَ هذه الأوصاف هو البحر المتلاطم الأمواج الذي لا يُقصد غيرهُ ..!!

ولكنّ المتنبي سرعان ما أنقلب على نفسه وعلى كافور حين يَئِس مما كان يتوقعه منه فقال :

لا تشترِ العبدَ الاّ والعصا معَهُ

إنَّ العبَيد لأنجاسٌ مناكِيدُ

مَنْ علَّمَ الأسودَ المخصيَّ مكرمةً

أَقَوْمُهُ البيضُ أمْ آباؤه الصِيدُ ؟

وهكذا تحوّل البحر الذي ( لا ينجسه ) شيءٌ الى ( نجس ) منكود ..!!

وهذا التحوّل من قمم المديح الى سفوح الهجاء القبيح لا يخرج عن كونه تذبذبا يزري بالأخلاق ويتنكر للآداب ويشي بالكثير الكثير من الاختلال والاضطراب .

وقد قيل :

مَنْ مَدَحَ وذمّ فقد كذب مرتيْن .

-3-

ونشهد يوميّاً ألواناً من التذبذب في المواقف، مِنْ هذا الفريق أو ذاك، ويشتد التراشق بين المتذبذبين أنفسهم على ما يتسمون به جميعا من التذبذب ..!!

انّ التذبذب ليس حلالاً لفريق دون فريق، وانما هو حرام على الجميع وهذا ما ينساه الفريقان ..!!

-4-

انّ الأمناء على المبادئ والقيم يصعب أنْ يُصدّقَ مَنْ يتهِمُهُمُ بالتذبذب بينما الألسن لا تمل ولا تكل من إلحاق الوصمات المخزية بالجاحدين والمتنكرين لما يجب أنْ يصان من القيم والمبادئ دون ادنى تذبذب .

-5-

والتاريخ بالمرصاد لِكُلّ مَنْ يخترق الخطوط الحمراء، والعاقبة للمتقين.



Most Read

2024-09-24 03:38:25