Breaking News >> News >> Azzaman


مع الخلق العظيم والدرس الكريم – حسين الصدر


Link [2022-02-09 20:39:35]



مع الخلق العظيم والدرس الكريم – حسين الصدر

-1-

جاء في التاريخ :

انّ الرسول (ص) دُعي مِنْ قِبَلِ بعض أهل المدينة الى طعام أُعدَّ لهُ ولخمسةٍ من أصحابه فأجاب دعوتهم ،

وحين اتجه وأصحابه الخمسة الى مكان الدعوة أدركهم أحد الأصحاب فماشاهم ،

فلما دَنَوْا من القوم أصحابِ الدعوة قال النبي (ص) للرجل :

” إنَّ القوم لم يَدْعُوك ،

فاجلس حتى نذكر لهم مكانك ،

ونستأذنهم لك “

-2-

والسؤال الآن :

أرأيتَ الدقة المتناهية التي راعاها الرسول (ص) بشأن الدعوة والمدعوين ؟

هل يعقل أن يمانع أصحاب الدعوة مِنْ دخولِ صحابيٍّ يريد الرسول (ص) ان يكون معه على مائدتهم ؟

اننا واثقون بانهم سيرحبون به ويفرشون له قلوبهم قبل بساطهم .

ولكنَّ الرسول (ص) – وهو الذي ابتعثه الله ليتمم مكارم الاخلاق – أبى أنْ  يُدخله معه الى دعوة القوم من دون ان يوجهوا له دعوة خاصة ، وفي ذلك منتهى الحرص على مراعاة إراداتهم ورغباتهم فقد يكون بينهم وبين هذا الصحابي الملتحق بالرسول (ص) ما يمنعهم من دعوته ، وبالتالي فانّ دخوله عليهم يُسبب لهم احراجا لا يريد الرسول (ص) أنْ يوقعهم فيه .

وهنا يكمن الدرس البليغ .

انّ مقتضى الخلق العالي تحاشي احراج الآخرين ، والتدخل في ما رسموه وأرادوه .

وفي هذا منتهى الحفاظ على حرية الآخرين في اختياراتهم بعيداً عن الضغوط والإحراجات .

-3-

انّ الصحابي الذي التحق بالرسول (ص) لم يكن على علمٍ بالدعوة الموجهة الى الرسول (ص) ومرافقيه الخمسة ، وربما لم يكن هو الآخر يريد الدخول معهم، ولكنَّ الرسول (ص) استبقاه خارج مكان الدعوة ليذكر لهم مكانه، فتتم المبادرة من قبلهم لدعوته، ويكون ذلك أعزّ له وأوقر، وهكذا يجب ان يحرص كلٌ منا على توفير الإعزاز والاكرام لاخوانه بعيداً عن ايقاعهم في المطبات وهذا يعني انك كما تحب ان تُقدّر وتُكرّم عليك أنْ تحبّ ذلك لاخيك، وبهذه الروح الطيّبة تتعامل مع الاخوان والأحداث .

هذه هي الأصول الأخلاقية الرفيعة ولكنْ – وللاسف الشديد – لا تجد لها عشّاقا ، ولا أتباعاً الاّ في القليل النادر من ذوي الانضباط والالتزام .



Most Read

2024-09-24 05:21:50