شروط التفاهمات الوطنية – جاسم مراد
في كلمته اثناء تأبين الشهيد الراحل محمد باقر الحكيم في النجف الاشرف ، طرح السيد الحكيم زعيم تيار الحكمة مجموعة من القضايا في الشأن السياسي العراقي لتفكيك الانغلاقات وتسهيل مهمة التفاعلات بين الأطراف المختلفة ، ومن بين ما أكده الحكيم من إن تيار الحكمة لايشترك في الحكومة المقبلة ، لكنه لا يقبل بالتقاطعات السياسية أن تؤدي الى صراعات خارج الأطر الديمقراطية ، ولا يقبل بالأغلبية أن تتحول الى قوة فرض الإرادة على الاخرين ، ولن يرضى بالتحالفات الضيقة أن تؤشر الى التحزبية والانعزالية والاختيارات المجانية عبر قبول هذا ورفض ذاك .
هذا الموقف عبر عن محاولة لتفكيك الانسدادات الجارية في الساحة العراقية ، واشر في نفس الوقت بأن لا أحد ضد سلطة الأغلبية السياسية أو مايطلق عليها بالوطنية ، لكنه يجب ان تكون سلطة قوية لصالح الجميع وسلطة تمتلك القرار لمصلحة عموم الشعب ، وليست سلطة للتباهي في العلاقات لطرف وعزل اطراف أخرى بهذا تكون سلطة انتقائية لاتسطيع المضي لتحقيق مصالح الجماهير الموجوعة بنظام كسيح شارك فيه الجميع ولم يحقق مصالح الشعب .
إن أي طرف سياسي كردي أو عربي شيعي أو سني يستطيع التنصل من الإخفاقات التي اصابت البلاد ومن التناقضات الحاصلة بين السلطة من جهة وعموم المجتمع من الجهة الأخرى ، فالجماهير الشعبية ليست مقتنعة حتى الان بأن هذه النزاعات بين الأطراف السياسية تصب في مصلحتها ، وإنما هي جزء من سياسات فرض الامر الواقع وازاحة اطراف وسيطرة أخرى ، وبالتالي فأن الجهة المتضررة هي الجماهير الشعبية .
سلطة مقبلة
ولعل إصرار التيار الصدري على ابعاد دولة القانون عن الحوارات والمشاركات في السلطة القادمة ، مثله مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه السيد مسعود البارزاني في ابعاد الاتحاد الوطني الديمقراطي عن رئاسة الجمهورية والمواقع السيادية الأخرى في كردستان العراق ، ويقال لهم تعالوا ايدونا في سياساتنا ، فكيف يمكن ذلك أن يؤدي الى سلطة وطنية قوية حاكمة لملفات البناء والتطور والبنية التحتية ، في الوقت الذي تحكم فيه حركة العمل للكتل المتفقة مع الكتلة الصدرية قوة فرض الارادات ، ومثل هذا العمل لم يحصل حتى في النظم الأكثر وحدانية في إدارة السلطة .
كان الحكيم اكثر بصيرة في تحديد مسارات العمل المستقبلية ، وهي كما أشار في كلمته الى ضرورة وجود سلطة قوية ودولة تمتلك القدرة والحاكمية ، لكن دون الوقوع في مغاليق الاختناقات المؤدية الى نزاعات ، ونحتاج الى متنافسين في الاعتراضات دون الذهاب الى الاسقاطات السياسية ، فهل يتحقق ذلك ..؟
لقد نجح السيد مقتدى الصدر عبر ابعاد قوى التيار في المشاركة في اختيار رئيس الجمهورية في جلسة السابع من شباط ، وهو بهذا أتاح الفرصة لمزيد من التشاور وتنفيس حالة التأزم الحاصلة بين مختلف الأطراف السياسية .
العراق بحاجة الى سلــــــــطة قوة تفرض حاكميتها ، لكن ليس من مصلحة البلاد أن تـــــــكون تلك السلطة مشغولة بالانشقـــــــــاقات والتناحرات السيــــــــاسية يدفع ثمنها المواطن ، مثلما دفع عبر (19) عاما من نظـــــــام كسيح ودستور مشوه .
2024-09-24 05:28:48