Breaking News >> News >> Azzaman


إزدواج الفكر في العراق  – مريم عادل


Link [2022-02-09 20:39:35]



إزدواج الفكر في العراق  – مريم عادل

ازدواج الفكر هو قدرتك على الأيمان والأقتناع بالشيء وبنقيضه ، وهو القابلية في فصل مؤشرات العقل المنطقية والرضوخ لهيمنة اللا منطق.

في اربعينيات القرن الماضي كان هناك كاتب وصحفي بريطاني يدعى جورج اورويل ، اختار اورويل خطًا سياسيًا خاصًا به كما اختار اسمهُ هذا وعُرف به بدلًا من اسمه الحقيقي ، آمن اورويل بالاشتراكية الديمقراطية وحارب بكتاباته آنذاك الانظمة الشمولية التي-برأيه- انها لم تجلب إلا الدمار والحروب والخسارات المتواصلة والظلم وعدم احترام الإنسانية وهذا الذي يتعارض مع ما كان يرغب فيه وهي العدالة الأجتماعية ، من ضمن تلك المؤلفات العديدة في مواجهة النظام الشمولي طرح لنا حالة ازدواج الفكر في روايته “1984 تلك الرواية التي نجح في نسج خيالاته فيها وتوقعاته للأحداث في حال استمر النظام الشمولي على وضعه وقت ذاك حتى عام 1984 فخط لنا رائعة من روائع الأدب السياسي والأجتماعي ، لدرجة شعورك وانت تقرؤها بأن ما كُتب فيها قد كُتب الان وليس منذ ما يقارب ثمانين عاما!.

ولعل اهم افكاره التي تعنينا في عراق الان هو ازواج الفكر الذي تطلبه السياسة الحاكمة من الشعب العراقي فما زال المواطن العراقي البسيط يرى بأم عينيه حجم الخسائر المتتالية في عداد عمره بسبب الفساد المتفشي في الدولة والمخططات اللا سياسية التي تسعى وراءها ساسة العراق ، الذين هم بمنأى عن المصالح التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن ، همهم الوحيد تقسيم الثروات واخذ الحصة الوافرة من تلكم الكعكة التي لم يتكفلوا حتى عناء تجهيزها! ، ومع كل ذلك يمارسون حياتهم كأنهم مثال يحتذى في طريقة تطبيق السياسة الحكيمة بالرغم من معرفتهم القصوى بمدى فشلهم الذريع في اعمار واصلاح هذا البلد ، وليس فقط هذا وإنما حينما يطلون بدعاياتهم الإنتخابية أو البرامج السياسية ويدّعون أنهم باستلامهم زمام الحكم ان المواطن قد تحسنت اموره المادية والمعنوية وأن الحياة التي يعيشها بفضلهم اصبحت حياة كريمة ولا داعي لتعكير صفو عمليتهم السياسية بالتنديد الدائم لهم ولافعالهم البخسة.

على الرغم من انهم كتمثيلية الحزب التي طرحها اورويل فالذي كُتب له الأنضمام الى صفوف الحزب الداخلية يعيش في ترف وسخاء النِعم ، ليقل هذا الشيء عند المنتمي للصفوف الخارجية حتى ينعدم عند الطبقة العاملة او ما أسماهم على لسان الحزب بالطبقة “العدم” اي وكأنهم لاشيء حتى أنهم لا يدرجونهم تحت مسمى البشرية !

الذين يقيمون في المباني السيادية للعراق يريدون بث الإيمان في نفوس الشعب لهذه الشعارات

-الحرية عبودية

-الحرب سلام

-الجهل قوة

تلك الشعارات الازدواجية التي كتبها اورويل على لسان النظام الشمولي والتي كان محقًا بها وتنطبق على واقع الشخوصات التي تسيطر على بلادنا ، تلك الشخوصات التي تعلم بأن في الحرية وعيًا وفي السلام مجالًا للتفكّر وفي العلم اصلاحا وتطويرا وهذا مالايريدونه لأنهم ان  اخشوا شيء فهم يخشون القضاء عليهم في بلدٍ إن كان لهُ عنوان فسيكون بلد الخيرات المغتصبة.



Most Read

2024-09-24 05:28:04