Breaking News >> News >> Azzaman


لا يوجد خاسر أو فائز


Link [2022-02-08 02:52:53]



فاتح عبدالسلام

في‭ ‬جميع‭ ‬أنواع‭ ‬الانتخابات‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬هناك‭ ‬فائزون‭ ‬وخاسرون،‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬تبدو‭ ‬عملية‭ ‬الانتخاب‭ ‬ذات‭ ‬مسار‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬اظهار‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬مرتبة‭ ‬الفوز،‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬مستعد‭ ‬لتقبل‭ ‬فكرة‭ ‬الخسارة‭ ‬وعدم‭ ‬الظهور‭ ‬في‭ ‬منصة‭ ‬العرض‭ ‬السياسي‭.‬

‭ ‬أسباب‭ ‬هذا‭ ‬الفهم‭ ‬الخاطئ‭ ‬كثيرة،‭ ‬لكن‭ ‬الأساس‭ ‬هو‭ ‬انّ‭ ‬الانتخابات‭ ‬تبدو‭ ‬جسماً‭ ‬مقحماً‭ ‬على‭ ‬المشهد،‭ ‬فالأحزاب‭ ‬العريقة‭ ‬منها‭ ‬والحديثة،‭ ‬النابعة‭ ‬من‭ ‬البلد‭ ‬والمستوردة‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬لم‭ ‬تمارس‭ ‬العملية‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬حياتها‭ ‬الداخلية،‭ ‬وربّما‭ ‬اخر‭ ‬مؤتمر‭ ‬انتخابي‭ ‬لأي‭ ‬حزب‭ ‬يرجع‭ ‬الى‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬كأفضل‭ ‬تقدير،‭ ‬وهناك‭ ‬أحزاب‭ ‬لها‭ ‬قيادات‭ ‬ابدية،‭ ‬وهناك‭ ‬أحزاب‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬نظام‭ ‬داخلي‭ ‬أو‭ ‬تشكيلات‭ ‬تنظيمية‭ ‬تفضي‭ ‬الى‭ ‬انتخابات‭ ‬لقياداتها،‭ ‬وهناك‭ ‬أحزاب‭ ‬قائمة‭ ‬تنظيم‭ ‬مليشياوي‭ ‬برواتب‭ ‬أو‭ ‬معتمدة‭ ‬على‭ ‬شخص‭ ‬واحد‭ ‬ومجموعة‭ ‬شركائه‭ ‬في‭ ‬مشاريعه‭ ‬الاستثمارية،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬الكثير‭.‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬هناك،‭ ‬انتخابات‭ ‬أخرى‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬التشريعية‭ ‬العامة،‭ ‬تتصل‭ ‬بتوزيع‭ ‬المناصب‭ ‬السيادية،‭ ‬وهي‭ ‬عملية‭ ‬مضيعة‭ ‬للوقت،‭ ‬لأنها‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬محاصصة‭ ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬الى‭ ‬نكرانها،‭ ‬مع‭ ‬تعديلات‭ ‬طفيفة‭ ‬داخل‭ ‬الحصة‭ ‬الواحدة‭.‬

مثلا،‭ ‬انتخاب‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬خارج‭ ‬معنى‭ ‬المحاصصة‭ ‬والتوافقات،‭ ‬مهما‭ ‬حاولنا‭ ‬تجميل‭ ‬المشهد‭ ‬بالألفاظ‭ ‬والفعاليات‭ ‬الديكورية‭ ‬المقحمة‭. ‬ذلك‭ ‬انّ‭ ‬الحقيقة‭ ‬الأولى‭ ‬والنهائية‭ ‬هي‭ ‬انّ‭ ‬جميع‭ ‬المرشحين‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬القومية‭ ‬الكردية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬الثانية‭ ‬عدديا‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬هم‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الديكور‭ ‬الذي‭ ‬تتطلبه‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التي‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬رأس‭ ‬ولا‭ ‬اقدام‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬بل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬فرصة‭ ‬لأي‭ ‬كردي‭ ‬بالفوز‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ضمن‭ ‬الية‭ ‬توافق‭ ‬الترشيحات‭ ‬بين‭ ‬أكبر‭ ‬الحزبين‭. ‬والمسألة‭ ‬تخص‭ ‬جميع‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬انتخاب‭ ‬المناصب‭ ‬السيادية،‭ ‬إذا‭ ‬انها‭ ‬موزعة‭ ‬من‭ ‬أمد‭ ‬بعيد،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬تمّ‭ ‬اقراره‭ ‬في‭ ‬وثائق‭ ‬الاحتلال‭ ‬الأمريكي‭ ‬للعراق‭ ‬بعد‭ ‬العام‭ ‬٢٠٠٣‭.‬

‭ ‬المنصب‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يمر‭ ‬بأقل‭ ‬كمية‭ ‬من‭ ‬الضجة‭ ‬هو‭ ‬منصب‭ ‬الوزير‭ ‬الذي‭ ‬تقرره‭ ‬كتلته‭ ‬او‭ ‬حزبه‭ ‬بحسب‭ ‬ذات‭ ‬المنطق‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬الحصص،‭ ‬وهو‭ ‬يدخل‭ ‬الى‭ ‬المنصب‭ ‬مطمئناً‭ ‬بأستار‭ ‬الحمايات‭ ‬والواقيات‭ ‬التي‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬ولا‭ ‬تؤثر‭ ‬فيه‭ ‬الانواء‭ ‬العاصفة‭ ‬حوله‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬قوية‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬اختلفت‭ ‬التحالفات‭ ‬فيما‭ ‬بينها،‭ ‬فعندها‭ ‬يتم‭ ‬طرحه‭ ‬كتحصيل‭ ‬حاصل،‭ ‬كما‭ ‬جاء‭.‬

اليوم‭ ‬هناك‭ ‬منطق‭ ‬حكومة‭ ‬الأغلبية‭ ‬الوطنية،‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬طي‭ ‬تلك‭ ‬الصفحة‭ ‬كاملة،‭ ‬لكننا‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬نشهد‭ ‬ولادة‭ ‬تلك‭ ‬الحكومة‭ ‬الموعودة‭ ‬بتنا‭ ‬نرى‭ ‬نفس‭ ‬السياقات‭ ‬السابقة‭ ‬امامنا،‭ ‬ولا‭ ‬نعرف‭ ‬كيف‭ ‬ومتى‭ ‬ستحصل‭ ‬تلك‭ ‬الانتقالة‭ ‬نحو‭ ‬الضفة‭ ‬الأخرى،‭ ‬مادام‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬فروقات‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬بين‭ ‬الفائزين‭ ‬والخاسرين‭.‬

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com



Most Read

2024-09-24 05:29:41