فاتح عبدالسلام
في جميع أنواع الانتخابات في العالم هناك فائزون وخاسرون، إلا في العراق، تبدو عملية الانتخاب ذات مسار واحد في اظهار الجميع في مرتبة الفوز، ولا أحد مستعد لتقبل فكرة الخسارة وعدم الظهور في منصة العرض السياسي.
أسباب هذا الفهم الخاطئ كثيرة، لكن الأساس هو انّ الانتخابات تبدو جسماً مقحماً على المشهد، فالأحزاب العريقة منها والحديثة، النابعة من البلد والمستوردة من الخارج، لم تمارس العملية الديمقراطية في حياتها الداخلية، وربّما اخر مؤتمر انتخابي لأي حزب يرجع الى عقد من الزمن كأفضل تقدير، وهناك أحزاب لها قيادات ابدية، وهناك أحزاب ليس لها نظام داخلي أو تشكيلات تنظيمية تفضي الى انتخابات لقياداتها، وهناك أحزاب قائمة تنظيم مليشياوي برواتب أو معتمدة على شخص واحد ومجموعة شركائه في مشاريعه الاستثمارية، وغير ذلك الكثير.
في الوقت ذاته هناك، انتخابات أخرى ما بعد التشريعية العامة، تتصل بتوزيع المناصب السيادية، وهي عملية مضيعة للوقت، لأنها في الحقيقة محاصصة لا مجال الى نكرانها، مع تعديلات طفيفة داخل الحصة الواحدة.
مثلا، انتخاب رئيس الجمهورية، لا يمكن ان يكون خارج معنى المحاصصة والتوافقات، مهما حاولنا تجميل المشهد بالألفاظ والفعاليات الديكورية المقحمة. ذلك انّ الحقيقة الأولى والنهائية هي انّ جميع المرشحين من خارج القومية الكردية التي هي الثانية عدديا في البلاد، هم جزء من الديكور الذي تتطلبه الديمقراطية التي ليس لها رأس ولا اقدام في البلاد. بل أكثر من ذلك، لا فرصة لأي كردي بالفوز ما لم يكن ضمن الية توافق الترشيحات بين أكبر الحزبين. والمسألة تخص جميع ما يسمى انتخاب المناصب السيادية، إذا انها موزعة من أمد بعيد، بحسب ما تمّ اقراره في وثائق الاحتلال الأمريكي للعراق بعد العام ٢٠٠٣.
المنصب الوحيد الذي يمر بأقل كمية من الضجة هو منصب الوزير الذي تقرره كتلته او حزبه بحسب ذات المنطق في توزيع الحصص، وهو يدخل الى المنصب مطمئناً بأستار الحمايات والواقيات التي يتمتع بها ولا تؤثر فيه الانواء العاصفة حوله مهما كانت قوية إلا إذا اختلفت التحالفات فيما بينها، فعندها يتم طرحه كتحصيل حاصل، كما جاء.
اليوم هناك منطق حكومة الأغلبية الوطنية، من اجل طي تلك الصفحة كاملة، لكننا قبل ان نشهد ولادة تلك الحكومة الموعودة بتنا نرى نفس السياقات السابقة امامنا، ولا نعرف كيف ومتى ستحصل تلك الانتقالة نحو الضفة الأخرى، مادام انه لا توجد فروقات في المشهد بين الفائزين والخاسرين.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
fatihabdulsalam@hotmail.com
2024-09-24 05:29:41