Muristek
للخداع بريق وأبواق – حسين الصدر
-1-
)قوانين باب التزاحم ) تقضي بتقديم الأهمّ على المهم .
ولا يختلف العقلاء في وجوب تقديم الأهم على المهم ، ولكنّ أين الترجمة السليمة لذلك في ميادين الحياة ؟
-2-
أننا عشنا بعواطفنا ومشاعرنا الانسانية قصة الطفل (ريان) المغربي الذي وقع في البئر واستمرت لأيام محاولة انقاذ حياته الاّ ان النهاية –وللاسف الشديد – كانت محزنة قاتمة .
-3-
وخلال تلك الأيام الصعبة التي جرت فيها محاولة انقاذه تصدّر خَبَرُه وسائل الاعلام العالمية حتى أنَّ بعض المحطات الفضائية الكبرى كانت تنقل وقائع محاولة الانقاذ أولا بأول وتنشغل بها عن سائر الأحداث الاخرى .
-4-
انّ القرآن الكريم يعتبر إحياء نَفْسٍ واحدة بمثابة إحياءً لنفوس الناس جميعا ، في إشارة واضحة الدلالة على مكانة الانسان .
قال تعالى :
(ومن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا)
المائدة /32
ومن هنا :
فاننا نثني على كل الجهود التي بُذلت لانقاذ حياة ( ريان ) وهي جهود لها ثقلها الكبير في الميزان القرآني والحضاري .
-5-
غير أنَّ السؤال الخطير الآن :
هل أنَّ قضية ( ريان ) كانت الأهم من القضايا التي غَصّ بها العالم وناء بأعبائها خلال تلك الفترة ؟
انّ حياة ( ريان ) أو موته ماهي الا مفردة واحدة من قاموس الموت الجماعي الذي يواجهه الأطفال في شتى بقاع العالم بينما لم يحظ هؤلاء بأية عناية ملحوظة في وسائل الاعلام العالمي ..!!
انّ الضمير الانساني العالمي – وللاسف الشديد – في سبات عميق وقد اطفئت أنواره منذ زمن بعيد ..!!
وان وسائل الاعلام الكبرى تكيل بمكاييل مختلفة ، وتتجاوز الخطوط الحمراء ، غير مبالية على الاطلاق بجراح وأنين الكثير من الشعوب المضطهدة ، والملايين من البشر الذين لم يذوقوا طعم الحياة الكريمة ..
-6-
وهكذا تنكشف العورات ، وتطفو على السطح مظاهر التخلف ،والجمهور الاعظم تخدعه بُروقٌ وأبواق الحضارة الزائفة ..!!
والاّ فأين هم المهتمون بأطفالنا في اليمن مثلاً وهم يتصارعون مع الموت لقلة الغذاء والدواء ؟
فضلاً عن الملايين من الجياع والمستضعفين هنا وهناك .
ومن الذي أراق دمعةً واحدة على الاطفال والمرضى وكبار السن العراقيين الذيــــن كادت لسعات البرد أن تودي بحياتهم ؟
ومن الذي وقف وراء امتداد ازمة انقطاع الكهرباء عن العراقيين منذ سنوات عديدة رغم ضخامة ما أنفق من الثورة الوطنية لاصلاح الخلل ؟