تدريب لقوات منتخبة للأطلسي وسط الثلوج في استونيا
تابا (إستونيا)- كييف(أ ف ب) موسكو – واشنطن -الزمان
يواصل حلف الأطلسي تدريب قواته تحت أجواء الثلج في استونيا في محاكاة لاجواء أوكرانيا التي يتوقع ان تغزوها روسيا بعد أيام بحسب تقارير الاستخبارات الامريكية برغم نفي موسكو، في حين، اعتبرت الرئاسة الأوكرانية الأحد أنّ فرص إيجاد «حل دبلوماسي» للأزمة مع روسيا «أكبر بكثير» من مخاطر «تصعيد» عسكري. وقال ميخايلو بودولياك مستشار الرئيس الأوكراني «فرص إيجاد حل دبلوماسي لخفض التصعيد أكبر بكثير من التهديد بتصعيد جديد»، وذلك بعد تحذيرات الاستخبارات الأميركية التي أكدت أن موسكو كثفت استعداداتها لغزو أوكرانيا على نطاق واسع. وأضاف في بيان صادر عن مكتب الإعلام التابع للرئاسة حصلت فرانس برس على نسخة منه أن «حشد الجيش الروسي على نحو كبير قرب حدودنا يتواصل منذ الربيع الماضي»، و»لممارسة ضغط نفسي كبير»، تنفذ روسيا «مناوبات واسعة النطاق» ومناورات وتحريك معدات عسكرية.
وقال إن أوكرانيا وحلفاءها الغربيين يجب أن «يكونوا مستعدين دائماً لكل السيناريوهات ونحن نؤدي هذه المهمة بنسبة 100 بالمئة».
وقدّرت الاستخبارات الأميركية من جهتها أن روسيا بات لديها فعليا 70 بالمئة من القوة اللازمة لتنفيذ غزو واسع النطاق لأوكرانيا ويمكن أن يكون لديها القدرة الكافية أي 150 ألف جندي لتنفيذ هجوم خلال أسبوعين. وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن الاستخبارات الأميركية لم تحدد ما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد اتخذ قرار الانتقال إلى الهجوم أم لا، وأنه يريد أن تكون كل الخيارات الممكنة موجودة أمامه، من الغزو الجزئي لجيب دونباس الانفصالي، إلى الغزو الكامل.
وحذر المسؤولون بأنه إذا قرر بوتين غزو أوكرانيا، فبإمكانه قواته تطويق العاصمة الأوكرانية كييف وإطاحة الرئيس فولوديمير زيلينسكي في غضون 48 ساعة.وحذروا من أن النزاع ستكون له كلفة بشرية كبيرة إذ قد يسبب مقتل ما بين 25 وخمسين ألف مدني، وما بين خمسة آلاف و25 ألف جندي أوكراني، وما بين ثلاثة آلاف وعشرة آلاف جندي روسي. كما يمكن أن يؤدي إلى تدفق ما بين مليون وخمسة ملايين لاجئ، خصوصا إلى بولندا. في غابة غمرتها الثلوج، يخرج جنود من مدرّعة ويغرقون في الثلج الذي يصل حتّى أفخاذهم قبل أن يحاولوا التقدم داخل الغابة حيث يُقام تدريب «وينتر كامب» (معسكر الشتاء) في منطقة في استونيا بعيدة 100 كيلومتر عن الحدود الروسية لاختبار تعاطي قوات حلف شمال الأطلسي مع أحوال جوية شتائية قاسية.
ويشارك في التدريب السنوي هذا 1300 جندي بريطاني وفرنسي واستوني، لكنه يتّخذ شكلًا خاصًا هذا العام إذ حشدت روسيا أكثر من مئة ألف جندي على حدودها مع اوكرانيا، احتجاجًا منها على الانتشار العسكري لحلف شمال الأطلسي على الحدود.
ويقول سايمون وورث، قائد الكتيبة الفرنسية البريطانية المنتشرة في إطار حلف شمال الأطلسي في إستونيا، إن «هذه المناورة هي فرصة لإظهار أننا قادرون على العمل في الظروف الأكثر صعوبة وتطلّبًا، في البرد وفي الغابة. ولإثبات أننا نستطيع مواجهة أي تحدّ في المستقبل».
ومن جهته، يلفت الرقيب الأول كيبيندا، وهو يحمل سلاحًا في يده، إلى «التعب المتصاعد خلال التنقّل، مع وزن السترة الواقية من الرصاص فضلًا عن الحقيبة والأسلحة». ويضيف «قبل قليل غرقت في الثلج بعمق متر تقريبًا، وهذا ليس بالشيء القليل».
وكيبيندا ينتمي لمجموعة 300 جندي فرنسي أُرسلوا لدعم بعثة «الوجود الأمامي المعزّز» في دول البلطيق لمدّة عام، بهدف طمأنة هذه الدول التي أصبحت في موقع حسّاس في مواجهة التهديدات المتزايدة لاجتياح موسكو لكييف.
وأكّد الكولونيل ايريك ماوغر قائد الجنود الفرنسيين في استونيا «لسنا هنا لاستفزاز الروس. آليتنا وقائية ورادعة وغير هجومية» مضيفًا «لكننا جاهزون وقادرون على الاستمرار بانتظار التعزيزات العسكرية».
وتهدف مناورة «وينتر كامب» أيضًا إلى اختبار قدرة الجنود على المقاومة وتعزيز فعالية المعدّات المستخدمة في ظروف جوية أقسى من تلك المحسوسة في فرنسا أو المملكة المتحدة ومختلفة جذريًا عن البيئة النصف صحراوية التي يتدرّب فيها الجنود الفرنسيون في الساحل الافريقي حيث هم منتشرون منذ العام 2013.
ويشير القائد جوليان من الكتيبة الخامسة للتنانين، وهو يرتدي سترة واقية من البرد «إن الصعوبة الأولى هنا هي الأرض: كما ترون، إن الأحوال الجوية قاسية بشكل خاص والأرض فيها مستنقعات، ما سيمنعنا من المناورة وقد نخاطر بالتعثّر».
ويضيف «لكن هذا يزيد من تشديد قواتنا التي اعتادت في السنوات الأخيرة على العمليات في مالي أو النيجر، إذًا هي قيمة مُضافة».
وخارج المحاور الموجودة، تقع مدرّعة من طراز «لوكلير» على جانب طريق ثلجي.
ويوضح الملازم أول الكولونيل نيكولا من الفرقة الفرنسية البريطانية «يؤدي البرد مركباتنا قليلًا. يجب أن نحافظ عليها بعناية لمنع الأجزاء من الانهيار وتوقف المحركات». ومن جهتهم، يقوم الاستونيون بدورهم أيضًا. ويقول الكولونيل الاستوني اندروس ميريلو لوكالة فرانس برس «بالنسبة لنا، أعتقد أنه فصل شتاء طبيعي. نأتيهم بخبرتنا وتزويدهم بالمعدات التي يحتاجونها ليحموا أنفسهم».
ويُحضّر جندي بريطاني الشاي تحت خيمة مغطّاة بقماش مشمّع مموّه بلون الثلج.
ويقول العريف ليام، مرتديًا أحذية تصل إلى الركبة «في هكذا أحوال جوية، يكمن الخطر الأكبر في أن تبرد القدمان. يجب الحفاظ على حرارة الجسم مستقرة إذا أردنا الاستمرار في العمل».
ويُضيف «عندما يسيطر عليكم البرد خصوصًا إذا كنتم في وضعية الثبات، تصبح الأمور معقّدة كثيرًا. لكننا تعلّمنا أن نتكيّف».
2024-09-24 07:29:42