Breaking News >> News >> Azzaman


مائدة – حيدر المحسن


Link [2022-02-07 00:13:34]



مائدة – حيدر المحسن

هناك من الأشخاص ما يمكن أن ندعوا الواحد منهم “إنسانا روحيّا”، وهو من صبّه المولى القدير ليكون كلّه خير، وهو الأندر بين البشر، فلولاه لانخسفت الأرض من ثقل شرور بني آدم…

قبل يومين كنت جليس إحدى مصطبات حديقة “باركى منارة” في أربيل، وجاءني هاتف من بغداد من أخي “عبد المنعم”، حكى لي عن تدهور صحة أمّ أولاده، وقد عصف بها المرض بسرعة عجيبة. تحدّثنا، وكان الألم ظلّ كلّ حرفٍ قلناه، وكلّ آهةٍ…

اليوم أزور الحديقة في نفس الوقت لأنّ “مائدة”، زوجة أخي، وهي بمنزلة أختي، فارقت الحياة.                                                          ما الذي تغيّر في المكان وفي الزمان؟

ما تزال الأشجار على حالها، والممرّات الحجر، والمنارة ما تزال قائمة، وهي التي يبلغ عمرها مئات السنين، لم يحدث ولا شدخ في حجارتها.   لم تتغيّر السماء، ولا الأرض، ولا الهواء، ولا صوت العصافير…          المصطبة التي جلست عليها قبل يومين لم تتغيّر، وكذلك الورد الأبيض في الشجيرات التي تفرش المكان.                                            الناس من حولي لم تتغيّر هيئاتهم، أو ثيابهم، أو كلامهم…

 لكني على يقين أن لا شيء في الوجود، عندما يغيّب الموت إنسانا روحيّا، يبقى على حاله.

أذّن الجامع القريب إلى صلاة المغرب، وصوت المؤذن لم يتغيّر، ولا كلمات الأذان، ولا معناه…    ثم علا أذان صلاة العشاء، وهو نفسه…

فما الذي تغيّر في الوجود إذن بعد أن فارقتنا “مائدة”؟



Most Read

2024-09-24 09:33:23