Breaking News >> News >> Azzaman


الإختصاص والتدريب والحماية أس النجاح – علي الشكري


Link [2022-02-05 23:53:19]



الإختصاص والتدريب والحماية أس النجاح – علي الشكري

يعد العراق في طليعة البلدان العربية التي آمنت وعملت وحثت الخطى لتبني مبدأ التخصص الوظيفي والعمل به ، ومن أجل ذلك أرسل ومنذ وقت مبكر البعثات ، وشيّد الجامعات ، وأقام المراكز ، وأشترط اجتياز الدورات قبل تولي المهمة واعتلاء المنصب . والملاحظ أن مبدأ التخصص والتدريب تبناه العراق في كل الوظائف المدنية منها والعسكرية ، فأستاذ الجامعة لا يلقي المحاضرات دون اجتياز دورة طرائق التدريس ، والعسكري لا يُسند له المنصب ولا يرتدي الرتبة الأعلى الا بعد اجتياز الدورات الحتمية ، وعلى أساس الصنف والتخصص تسند له المهمة ، حتى يصبح أستاذاً في حقل الاختصاص ، فضابط للمدفعية وآخر للدروع وثالث للدفاع الجوي ورابع للاستخبارات ، وخامس للمشاة وقائمة الصنوف تطول وفي تزايد مستمر وعلى أساس التخصص ……. ومثلما تقوم المؤسسة العسكرية على الصنف والتخصص تقوم المؤسسة الشرطية على التخصص ، شرطة لمكافحة الجريمة وثانية قانونية وثالثة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وآخرى للشرطة المجتمعية ……. واللافت اليوم في العراق ، تجاوز الاختصاص في إسناد المنصب ، وغض البصر عن الخلفية الأمنية ، وإيكال المهمة أما على أساس المحسوبية أو الوساطة أو بوسائل غير مشروعة ، والحصيلة فشل وإخفاق وخرق وتراجع أمني ، في الشهر الواحد قد يتنقل الضابط بين حماية المنشآت ومكافحة المخدرات ثم في الاستخبارات وقبل أن ينتهي الشهر قد يعمل في الشرطة المجتمعية.

استزادة وتخصص

وبالقطع أن هذا المشاهد المتواتر مرفوض غير مقبول في الدول الأحدث تجربة من العراق ، التي كانت ترسل ضباطها ومنتسبيها الى العراق للتدريب والاستزادة والتخصص ، ويقيناً أن ما تعيشه المؤسسة العسكرية والشرطية اليوم جزء من التخبط والفوضى التي تعيشها باقي القطاعات وفي مقدمتها المدنية ، فأستاذ جامعة لم يكن ليعتلي منصة الدرس قبل اجتيازه الدورات الحتمية ، ولم يكن لمدير عام وما علا أن يباشر مهام عمله قبل اجتيازه دورة القيادة ، ولا تسند المهمة الا لمتخصص ، وبالقطع أن ذلك لا يعني غياب المحسوبية في النظم الراحلة ، وعدم وجود الوساطة ، وخلو الأمر في أسناد المنصب من الأساليب غير المشروعة ، فالولاء للمنظومة الحاكمة والدرجة الحزبية والانتماء العرقي والطائفي ، كانت في مقدمة الاعتبارات التي لا مقدم عليها ، ثم يأتي التخصص والخلفية الأكاديمية . على المتصدي اليوم أن يكون أكثر جرأة وإقداماً ، في وضع الاختصاص في مقدمة الاعتبارات عند إسناد المنصب والمهمة والوظيفية ، بعد أن أصاب الفشل والإخفاق والتراجع كل المفاصل ، فالخرق الأمني راح يومي معتاد ، وتفشي الجريمة المنظمة أصبح أمر مشاهد ، وانتشار العنف المجتمعي ضرب كل مفاصل المجتمع وفي عمقه ، وتفشت المخدرات وأصبحت سلعة متداولة في متناول طلاب مدارس الذكور والإناث ، ولابد من الشروع في تفعيل الاختصاص  في المفاصل العليا للدولة ومصدر القرار ، دون تمييز بين مؤسسة عسكرية ومدنية ، فالقرار المدني الأعلى هو مصدر كل القرارات ، بلحاظ كونه هو من يسند المنصب ، وهو من يغير ، وبالقطع أن اعتماده التخصص والخلفية الأكاديمية والإعداد المهني ، سيكون بداية الشروع لمعالجة كل الأزمات المدنية والعسكرية وعلى مراحل ، فحجم الضرر كبير ، وجذر الازمة عميق ، ونوع الإشكاليات متنوع متزايد ، فللامتيازات السياسية ميدانها ، ولإنصاف المظلوم وسائله وأساليبه وطرقه ، وللمهنية ميادينها ونطاقها المحصور ، فلا مجال لاعمال المحاباة والاعتبارات الطائفية والقومية والحزبية والسياسية في إسناد المنصب ، فالكفاءة والنزهة والقدرة والقابلية هي الاعتبارات التي لابد من أعمالها لبلوغ مجتمع متطور مستقر آمن ، خالٍ من الظواهر الدخيلة المدمرة ، وإلا فلن تتجاوز الحلول حدود الترقيع والتخدير والتأميل والمجتمع في تراجع والدولة في تهاوي . وبالقطع أن حماية المكلف بالمهمة ، وتحصينه في حدود القانون من الملاحقة وبما يتناسب والواجب ، أمر لا غنى عنه لحفظ هيبة الدولة ، وإنفاذ القانون ، وإلا يصبح غياب رجل الأمن أولى من وجوده ، فما قيمة رجل أمن منزوع السلاح ، ممنوع من ملاحقة المعتدي ، مهدد بالإقالة إذا ادى الواجب ، ملاحق عشائرياً إذا ألقى القبض على تاجر مخدرات ، أو مهرب آثار ، أو تاجر سلاح ، أو إذا أوقف مخمورة تثير الصخب في ساعة متاخرة من الليل، وبالقطع أن ليس في ذلك دعوة للعودة لزمن الاستبداد ، وعهد الاضطهاد ، وحقبة تكميم الأفواه ، لكن هناك مائز بين حفظ هيبة الدولة وبين استبدادها ، فالهيبة لازمة والاستبداد محظور ، ودولة مهابة مقتدرة عصرية لا تنهض الا إذا أسندت المهمة لمختص كفؤ نزيه محمي ، بعيداً عن اعتبارات الولاء الضيقة الناهضة على الطائفية والقومية والولاءات الشخصية .



Most Read

2024-09-24 09:32:41