Breaking News >> News >> Azzaman


التلوّث البيئي ناقوس الخطر ومتطلّبات المواجهة – شڤان إبراهيم سمو


Link [2022-02-05 00:53:59]



التلوّث البيئي ناقوس الخطر ومتطلّبات المواجهة – شڤان إبراهيم سمو

في 25 كانون الأول 2021 قال وزير المالية العراقي علي علاوي إنه في غضون 5 إلى 10 سنوات قد ينهار الاقتصاد العراقي بسبب اعتماده الكلي على النفط، دون التفكير في مصادر جديدة تضمن بناء الواقع الاقتصادي احادي المصدر. وقد يستغني العراق بذلك عن معظم موظفيه. وقال أيضًا إن قطاع الكهرباء يكلف الدولة اليوم الكثير من الاستهلاك المالي ، وفي غضون 3 إلى 5 سنوات قد يدمر ميزانية الدولة ، لأنه بعد عام 2023 لا يمكنهم الاستمرار في تمويل هذا القطاع.

  وهذا مصدر قلق للاقتصاديين في البلاد على وجه العموم ويتطلب دراسة ومعالجة. وليس اقليم كوردستان بمنأى عن التأثر بهذه التنبؤات إذ يعتمد أكثر من 90 بالمئة من اقتصاد العراق ، بما في ذلك إقليم كردستان ، على من النفط. وبما أن تغير المناخ يزداد سوءًا ولن يستمر الطلب على النفط لفترة أطول كما هو في المتوقع المنظور ، فإن هذا الاعتماد مأساوي في نتائجه إذا لم يسع أصحاب القرار في وضع دراسات جادة تتفادى نتائجه الكارثية على المواطن وهي دراسات ينبغي ان تصب في مصب تنويع مصادر الاقتصاد دون الاكتفاء بالمصدر النفطي الآيل إلى التهالك.

 يؤثر تغير المناخ على الجميع وفي كل مكان ، وهو يجبر كل دولة على تغيير اقتصاداتها. ولكن في العراق ، بسبب الفساد الكبير المستشري في مفاصل الدولة والصراعات السياسية ، فإنه من غير المؤكد كيف ستكون الدولة  قادرة على تحويل اقتصادها من الاعتماد على النفط إلى استثمار مصادر اقتصادية أخرى كثر استدامة من أجل تجنب المزيد من الكوارث اذ تبدو هذه المرة أصعب من أي وقت مضى على الصعيدين البيئي والاقتصادي. ولذا يتعين على العراق أن يغير اقتصاده. وهذا ليس بالامر الصعب على دولة بحجم وامكانيات العراق لو توفرت الإرادة والجدية في سبيل هذا الهدف. إذ ان جميع الموارد اللازمة لهذا التغيير متاحة.

ومن هذه السبل مثلا لمعالجة مسألة تنويع مصادر الاقتصاد انه في 3 كانون الثاني (يناير) 2022 أعلن البنك المركزي العراقي أنه سيقدم قروضًا لأي شخص يقوم بتركيب الكهرباء القادمة من مصادر الطاقة المتجددة. لتصل قروض المنازل السكنية إلى 18.000.000 دينار عراقي وهو ما يكفي لستة كيلوواط. وبالنسبة للمشاريع التجارية الأخرى ، يمكن أن تصل القروض إلى مليار دينار عراقي.  وهذه خطوة أولى جيدة. لكن هناك حاجة إلى المزيد.

ان الألواح الشمسية باهظة الثمن في الوقت الحالي.  مع التقنيات الجديدة التي تجعلها أرخص ، وبعض الحكومات تساعد في جعلها في متناول الناس ، فإن التكاليف تنخفض كل عام.

 ولقد أخبرني صاحب شركة تبيع الألواح الشمسية في محافظة دهوك أنه إذا لم يدفعوا ضرائب حكومية ورسومًا أخرى ، سينخفض سعر كل لوح شمسي بنسبة 25- 30 و حكومة إقليم كردستان لم تسهل عملية توسيع مثل هذه الأعمال وجعلها أكثر سهولة ولم تظهر حتى الآن أي مبادرات في دعم مثل هذه المشاريع.

قطاعات السياحة

لقد بدأت العديد من دول الشرق الأوسط بالفعل عملها نحو تنويع اقتصاداتها. فالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة هما أكبر الأمثلة. الإمارات العربية المتحدة مثلا لجأت إلى الاستثمار في قطاعات السياحة والطيران وإعادة التصدير والاتصالات (وهي الان  موطن لأكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم). والمملكة العربية السعودية ذهبت في هذا المجال الى بناء مدن جديدة وفتح البلاد للسياحة ، وتنويع اهتمامات شركة أرامكو. واما العراق فلديه نفس الموارد المتوفرة في هذه البلدان وغيرها.

 ان التحول إلى الطاقات المتجددة مفيد اقتصاديًا وبيئيًا.  في جميع أنحاء العالم ، اذ يعمل أكثر من 10 ملايين شخص الآن في قطاع الطاقة المتجددة. ومن المتوقع أن ينمو أكثر فأكثر. ومن المتوقع أن تكون كمية الطاقة المتجددة المضافة خلال الفترة من 2021 إلى 2026 أعلى بنسبة 50 من تلك التي في الفترة من 2015 إلى 2020.

ان العراق من الدول الوحيدة في الشرق الأوسط التي لم تظهر بعد أي اهتمام حقيقي بجلب السيارات الكهربائية. كما هو الحال عليه في الاردن والكويت والسعودية وتركيا وكل جيران العراق هذا باستثناء إيران وسوريا الدولتين اللتين مازالتا مثل العراق في هذا الجانب لم تنشطا في مجال استيراد او تفعيل ظاهرة السيارات الكهربائية  بفعل ظروفهما السياسية المعروفة.

يتعين اذن على حكومة إقليم كردستان اتخاذ خطوات جادة ، وفقًا للبيانات الرسمية ، ففي عام 1957 كان أكثر من 30 من مساحة  إقليم كردستان خضراء، وفي عام 2018 كانت النسبة 12.4 فقط. وأربيل هي واحدة من أكثر المدن تلوثًا في الشرق الأوسط الآن ، وبنسبة ليست بعيدة عن بغداد ، المدينة الأكثر تلوثًا في الشرق الأوسط. مع انتشار الأبراج الجديدة التي يتم بناؤها ، وعدم وجود كهرباء من مصادر الطاقة المتجددة ، وعدم وجود سيارات كهربائية ، وبالطبع فإنه مع كثرة ملوثات العديد من مصافي النفط والمصانع التي تلوث المدينة لسنوات عديدة ، فلن يكون مفاجئًا إذا أصبحت أربيل قريبًا ملوثة كبغداد. لذا فإن الوضع يحتم الان ان تنظر الجهات المعنية بجدية الى هذا الأمر خاصة وأن العراق يشهد الان أدنى مستويات الإرهاب منذ عام 2003 وهو بصدد تشكيل الحكومة الجديدة ، لذا فإن الوقت مناسب الان أكثر من أي وقت مضى للبدء في اتخاذ خطوات مطلوبة بشدة من أجل اقتصاد وبيئة أفضل وأكثر استدامة. خاصة وان

كل الموارد اللازمة للقيام بذلك متوفرة، ولكن في العراق بواقعه السياسي الحالي نفتقد الى الارادة الموحدة في مواجهة هذه المشكلة ، فهل سيكون العراق قادرًا على تجاوز الخلافات والمصالح الضيقة لمواجهة متطلبات الاقتصاد الجديد اسوة بدول العالم وبعض دول الجوار؟ من سيكون لديه الشجاعة، لتغيير الاقتصاد؟



Most Read

2024-09-24 11:37:57