د. فاتح عبدالسلام
الجامعات العراقية و كل شيء يحسب على البحث العلمي خارج التصنيف العالمي منذ سنوات عديدة، وهناك نوادر ضائعة في قبول نشر أبحاث علمية عراقية لعدد محدود جدا من الأساتذة في دوريات عالمية مصنفة بحسب المعايير المعتمدة.
التدهور يرتبط بعوامل كثيرة، منها الحروب والنزوح والهجرات والاغتيالات السابقة وضعف ميزانيات تمويل بحوث العلم و اختيار وزراء التعليم العالي ورؤساء الجامعات غير الأكفاء والواصلين للمناصب بدفع أحزابهم، وأحيانا بتعضيد من مليشيات.
كنت أتوقع ان تكون للبلد مع إيران علاقات علمية وجامعية توازي هذا التماهي في الخطاب السياسي او الديني. ذلك انّ إيران التي تجيد الضحك على الساذجين، لن تضحك على نفسها أبداً، فهي لم تقفز الى عتبة المفاعلات النووية قفزة مَن في جيبه مجرد مليارات ويسعى لشراء تكنولوجيا من اجل المستقبل، وانما وضعت موازنات عملاقة للبحث العلمي، لم يعرف العراق مثلها حتى في الثمانينات الذهبية، اذ بلغت آخرالموازنات العلمية الإيرانية ما يقرب من ثمانية مليارات دولار، وكانت في طريق الزيادة قبل ان تنال منها العقوبات الامريكية. ونجد في صحيفة ها آرتس الإسرائيلية تأكيداً على إن طهران تجاوزت تل أبيب في البحث العلمي وبفارق كبير منذ العام 2008.
وذكرت الصحيفة الاسرائيلية أنّ إيران بذلت جهودا ضخمة خلال العقدين الماضيين لتصبح( قوة عظمى) في البحث العلمي، تحتل حاليا المرتبة الأولي في الشرق الأوسط تليها تركيا والسعودية ثم أخيرا إسرائيل.
وفي ضوء ذلك نجد ان نحو 36 جامعة إيرانية جرى تصنيفها في ترتيب أقوى الجامعات في العالم لعام 2019، في حين لا يوجد لذكر جامعة عراقية، بل انّ بلدان مجلس التعاون الخليجي الغنية والتي تواكب العلم بسرعة، لم تدرج لها سوى 14 جامعة في هذا التصنيف الذي يرتب أفضل المؤسسات الجامعية الحكومية والخاصة في العالم من حيث كفاءة الأداء والمناهج والتقدم العلمي والتكنولوجي والبحث العلمي ونجاعة الأنظمة التعليمية والقدرة على الابتكار والتطوير.
العلاقات مع ايران يجب أن تفتح عيون العراق على نقاط مضيئة في التعاون العلمي، لنبني البلد ، ونفكر في ضوء حقيقة انّ النفط زائل بعد عقد أو عقدين ، ليس زواله في أن تنشف آباره في باطن الأرض ، لكن من خلال خسارته الحتمية لمعركة الحضارة والتحديث لصالح البرمجيات والابتكارات التكنولوجية ومصادر الطاقة البديلة.
أين نحن الآن؟ لننظر حولنا ونرى حجمنا الحقيقي من دون مزايدات في التعاطي مع الحقائق.
رئيس التحرير -الطبعة الدولية
fatihabdulsalam@hotmail.com
2024-09-24 13:29:05