Breaking News >> News >> Azzaman


عِداءُ الشعراء للبخلاء – حسين الصدر


Link [2022-02-01 22:13:44]



عِداءُ الشعراء للبخلاء – حسين الصدر

-1-

لن يحظى البخلاء باحترام أحدٍ من الناس ، ذلك أنَّ البخل هو العنوان البارز للأنانية، وعشق المال الى حَدّ تفضيله على القيم المقدسة كلها ، ومع هذا التهالك المقيت على المال وعلى الدنيا حيث الامتناع التام عن الإسهام في وجوه البر والخير والاحسان ، مع ايصاد الباب بوجه المحتاجين الى الاغاثة والمساعدة من المستضعفين والفقراء والأيتام والأرامل … وكل ذلك لا يقود الاّ الى احتقار البخيل وازدرائه واعتباره عنصراً لئيما جاحداً للنِعَم وبعيداً عن الاستجابة لنداء المكارم والقيم .

-2-

وعداوة الشعراء البخلاء لها مبرران :

الأول :

ما ذكرناه من كون البخلاء أصحاب نزعة أنانيّةٍ مَقِيتَةٍ تحجبهم عن كل ميادين الشمم والنبل والبذل .

الثاني :

انهم كانوا يقصدونهم مادحين مؤملين عطاياهم فيؤوبون بالخيبة والخسران، وهذا ما يملأ قلوبهم بالأشجان، ويدعوهم الى هجائهم وذمهم.

-3-

ومن الشعراء لَامَ نَفْسَه حيث أنه مدح مَنْ لا يستحق المدح فباء بالحرمان .

اسمعه يقول مخاطبا البخيل المانع :

لئن أخطأتُ في مدحي

فما أخطأتَ في منعي

لقد أنزلتُ حاجاتِي

بوادٍ غير ذي زَرْعِ

-4-

بينما ذهب أخرون الى رسم صور بشعة للغاية للبخيل تنديداً به ، وانتقاصا لشخصه، وتعريةً لحقيقته السوداء

قال احدهم في بخيل خَاطَبَهُ :

لو أنّ دَارَكَ أنبتتْ لكَ واحتشتْ

أبَراً يضيقُ بها فَناءُ المنزلِ

وأتاكَ ( يوسفُ) يستعيرك أبرةً

لِيَخيطَ قدّ قميصِه لم تفعلِ

وأيُّ صورة أبشع من امتلاك البخيل أبرا يضيق بها المنزل ولكنه يمتنع عن تقديم إبرة واحدة لنبي عظيم من أنبياء الله ليخيط بها قميصه ؟

-5-

وقال آخر يهجو بخيلا ويُندّد بِفِعْلَهِ :

أنامَ على السطح أضيافُه

وبات يُريهم نجومَ السماءْ

وقد قطّع الجوعُ أمعاءَهم

وإنْ يستغيثوا يُغاثوا بِماءْ

اشارة الى قوله تعالى :

(وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ  بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا)

الكهف /29

-6-

واذا كان الجاحظ قد ألفّ كتاباً خاصاً عن ( البخلاء ) ضمّنه العديد من أخبارهم وحكاياهم ، فالمأمول أن يتصدى أحد الباحثين المعاصرين لتأليف كتاب يجمع فيه ما قاله الشعراء فيهم، ويُقدّم بذلك خدمة كبيرة للأدب، وتكون  له مردوداته الايجابية في التحريض على البذل والسخاء في مضامير البر والخير والاحسان بدلاً من المنع والشح والإمساك الرهيب .

ونحن بالانتظار .



Most Read

2024-09-24 15:33:48