Muristek
ما من زوجين في هذه الدنيا الا ولهما نصيبهما من الاختلافات في وجهات النظر التي قد تؤدي الى الخلافات العميقة او البسيطة بحسب طبيعة الطرفين والموقف الذي يستدعي التباين في الرؤى حول هذا الامر، فتجتاح نار الخلاف البيوت لتشوه معالمها الجميلة وتتنغص الحياة وتزيل الوانها الزاهية المريحة للنفس، فيبدو كل شيء بلا طعم ما لم تُخمد النيران بالتروي والهدوء والاستعاذة من الشيطان ودوافعه الخبيثة، ومن الطبيعي من اكثر الطرق فاعلية للتخطي والاستمرار هو (الاعتذار) الذي يرطب الاجواء ويخفف الضغط على اطراف الصراع ان صحت التسمية وبالتالي يذوب الجليد.
للأسف؛ اقول ان في قاموس الشخصية العربية تغييب خطير لمفردة الاعتذار لدواعي قبلية بحتة لا سيما عند الرجال فهم يرون انهم اكبر من يتعذروا لمرأة، و يعتقدون ان تقديم الاعتذار يعد انتقاصاً من ذكورته، وهو بذالك ليس مبالياً للنتائج التي تترتب على ترك الاعتذار وما يهمه ان يبقى مرفوع الرأس كما يعتقد، هذا الكلام لا يعفي المرأة ايضاً من انها تفكر بأن تمتد قوتها من عدم الرضوخ للمقابل و الاعتذار له، فهي ترى ان ذلك انكساراً يؤدي الى هيمنة غير مبررة للرجل، ويستمر الجدال على هذا المنوال حتى يقع الاثنين في المحظور.
للأسف؛ اقول ان في قاموس الشخصية العربية تغييب خطير لمفردة الاعتذار لدواعي قبلية بحتة لا سيما عند الرجال فهم يرون انهم اكبر من يتعذروا لمرأة، و يعتقدون ان تقديم الاعتذار يعد انتقاصاً من ذكورته
وقد تتوفر لنا مساحة للقول أن الاعتذار ليس حلاً سحرياً لمشاكل الزوجين، لكنه من المبادرات المهمة التي تضمن بقاء الود والاحترام حتى في ساعات الغضب التي قد تدمر العلاقة الزوجية، والتمهيد لإيجاد حلول حقيقية وفعالة للمشاكل.
كما أن الاعتذار في الزواج ينعكس على جميع أفراد الأسرة وليس على الزوجين فقط، اذ ان الحياة في المنزل حين تستقر سينعم جميع افراد هذه العائلة بالهدوء والاستقرار النفسي والعكس هو الصواب.
ما أهمية الاعتذار بين الزوجين؟
الاعتذار يرمم المنكسر من العلاقات الزوجية ويعمل على صيانتها عبر مساعدة الزوجين على تجاوز المشاكل سواء كانت كبيرة ام صغيرة، ويمكننا تحديد أهم فوائد الاعتذار بين الزوجين على الشكل التالي:
اولاً: التربية على الاعتراف بالخطأ والابتعاد عن التعصب والاعتداد بالرأي من قبل الطرفين، وهذا الاعتراف من شأنه ان يجعل الشريك يعيد النظر في القضية التي جعلته يتعذر وبالتالي العمل على عدم تكرارها والتعامل معها بأكثر حكمة وعقلانية وهذا بحد ذاته تطور ملحوظ في سلوك الانسان.
ثانياً: يظهر الاعتذار مدى الاهتمام بالشريك وليس ضعفاً امام الشريك كما هو الاعتقاد السائد الذي يعتبر الاعتذار نوعاً من الضعف والتراجع، لذلك غالباً ما يحظى الاعتذار بتقدير خاص من الشريك، لأنه يعبر عن مدى الاهتمام به وبمشاعره حتى على حساب الكبرياء.
من فوائد الاعتذار انه وسيلة للتغيّر فهو ليس مجرد كلمات تلفظ بل يجب ان يغير الانسان مما جعله يتحمل المسؤولية وعدم العودة الى الخطأ ثانية والتعهد بإصلاح الأمور
ثالثاً: يؤدي الاعتذار بين الزوجين الى منع تفاقم الازمات التي تعصف بهم والتي لو تركت ستتحول إلى خلافات كبيرة، فيما يكون الاعتذار وسيلة فعالة لحل العديد من المشكلات الزوجية في مراحلها الأولى.
رابعاً: يعزز التعاطف والتسامح في الأسرة اذا غالباً ما يقود الاعتذار بين الزوجين إلى تعزيز بيئة التسامح بينهما ونقل قيم التعاطف والتسامح إلى الأطفال، فالاعتذار المتبادل بين الزوجين جزء مهم من تعليم الأطفال قيمة الاعتذار وتصحيح الأخطاء.
خامساً: يزيد الاعتذار من ارصدة الصحة النفسية لدى الزوجين لكونه يخلص الزوجين من المشاعر السلبية المزمنة التي قد تؤدي في النهاية الى الانفصال او ارتكاب جريمة ما لا سامح الله، كما ان الاعتذار يساعد الشريك المخطئ على تجاوز مشاعر الذنب والندم، و يساعد الشريك الذي تعرض للإساءة على الخروج من الضيق والحزن، وعلى الشعور بالاهتمام والرعاية وهذه النتائج المنبثقة من الاعتذار من شأنها ان ترفع مستوى الصحة النفسية لدى الانسان.
سادساً: ومن فوائد الاعتذار انه وسيلة للتغيّر فهو ليس مجرد كلمات تلفظ بل يجب ان يغير الانسان مما جعله يتحمل المسؤولية وعدم العودة الى الخطأ ثانية والتعهد بإصلاح الأمور، ويعتبر الاعتذار إقراراً بإحداث التغيير المطلوب لإرضاء الطرف الآخر والتأكيد على الاهتمام والمحبة والندم.
في الختام سيدي القارئ الكريم ممن يصلك كلامي هذا اليك اقول: من اجل هذه الفوائد العظيمة التي يتركها الاعتذار في نفوس البشر صار لزاماً ان نلجئ اليه عند كل مرة تضرم فيها النيران في بيوتنا او في اي مكان آخر نعيش فيه، ففي ذلك النجاة من الشر.
ظهرت المقالة ليتهم يعون .. الاعتذار قوة لا ضعف أولاً على دار الهدى للثقافة والإعلام.